الجوهرة العزيزة في شرح الوجيزَة - صفحه 425

ح ـ إنّ المظنون، بل المعلومَ من حال رواة الأخبار، مع كثرة عددهم ، عدمُ الاعتناء بحصول الملكة لهم ، بل الاكتفاء بحسن ظاهرهم ، و لو لا ما أفدنا لما كان له وجه.
ط ـ من المعلوم أنّ أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله كلَّهم كانوا قد أسلموا بعد ما كفروا ، خلفا عن سلف ، و اعتادوا برسوم الكفر ، فكيف زال منهم تلك الملكة و حصل ملكة العدالة سريعا عاجلاً و قبل شهادتهم؟!
و من المقطوع أنّه لم ينسدّ [باب] المعاملات و العبادات في بدو الإسلام و لم ينحصر على شهادة النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم و عليّ عليه السلام ، بل هم الّذين كانوا يأمّون الجماعاتِ و يشهدون على المعاملات ، فتقبل شهادتهم و يُهَدَّأ الدماء بأقوالهم و يُدرأ الحدود.
و منهم من يُجعل قاضيا مفتيا ، فيقضي مع معلوميّة عدم حصول تلك الملكة فيهم بصدور بعض ما يرشد إلى ذلك منهم ، فلو لا التسامح و العمل بحسن الظاهر ، لما كان لأمثال ذلك وجه .
ي ـ من المعلوم أنّ الأُمور العاديّة لاتزول دفعة ، بل لابدّ من زوالها بالتدريج ، و أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله أكثرهم كانوا عدولاً مقبولي الشهادة عنده ، فلولا حسن الظاهر كان مبنى في قبول شهادتهم ، فكيف زال عنهم ملكتهم ۱دفعة و لم تردع واحدا منهم ـ مع كثرة عددهم ـ من مخالفة الحقّ؟!
و من هنا قال المحقّق صاحب الجواهر ما لفظه :
بل قد يقطع بعدم وجود الملكة في أكثر أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله و لذلك صدر منهم ما صدر من ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كتمان الشهادة ، حتّى ورد أنّهم كلَّهم دخلهم شكّ عدا المقداد و أبي ذرّ و سلمانَ و عمّار ، و احتمال زوالها عنهم بمجرّد موت النبيّ صلى الله عليه و آلهمستبعد جدّا ، كما في سائر أهل الملكات ؛ إذ الظاهر أنّ الملكة على تقدير زوالها إنّما تزول بالتدريج لا دفعة ، كما اتّفق لهم . ۲

1.جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۶ .

2.أي ملكة الاعتياد برسوم الكفر .

صفحه از 477