الجوهرة العزيزة في شرح الوجيزَة - صفحه 426

إلى آخر ما أفاد .
يا ـ إنّه من المعلوم بالسيرة القاطعة أنّ القادم كان يجلس مجلس القضاء بُعَيْدَ ما يدخل البلد ، فيأتيه الشهود ، فيجيز شهادتهم إذا يخبره معلوم العدل بعدالتهم ، أو يعلم ذلك بالقرائن ، مع معلوميّة أنّه لايمكن حصول العلم بالملكة له في تلك المدّة القليلة اليسيرة ، و لايتيسّر له استيناس و مجالسة معهم ، فلو لا أنّ المبنى لهم هو حسن الظاهر ، لما كان لذلك وجه ، و للزم تعطّلُ عظيمٍ في الشريعة .
و من هنا قال شيخنا البهبهاني ـ أعلى اللّه مقامه ـ في شرح المفاتيح ـ على ما حكي عنه ـ ما لفظه :
حصول الملكة بالنسبة إلى كلّ المعاصي ـ بمعنى صعوبة الصدور لا استحالتِه ـ ربّما يكون نادرا بالنسبة إلى نادر من الناس إن فرض تحقّقه ، و يعلم أنّ العدالة ممّا تعمّ به البلوى و تكثر إليه الحاجات في العبادات و المعاملات و الإيقاعات ، فلو كان الأمر كما يقولون ، لزم الحرج و اختلّ النظام ، مع أنّ القطع حاصل بأنّه في زمان الرسول صلى الله عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام ما كان الأمر على هذا النهج ، بل مَن تتبّع الأخبار الكثيرة يحصل له القطع بأنّ الأمر لم يكن كما ذكروه في الشاهد و لا في إمام الجماعة .
و يؤيّده ما ورد ۱ في أنّ إمام الصلاة إذا أحدث أو حدثَ له حدثٌ و مانع آخر ، أخذ بيدِ آخَرَ و أقامه مقامه.
انتهى.
و ربما أُورد عليه بأنّه لانعني بالملكة إلاّ الصفة النفسانيّة الحاصلة من خشية اللّه ، التي يكون ترك جميع المعاصي مستندا إليها ، لا لعدم الابتلاء بها أو دواعٍ نفسانيّة كترك الخمر لإضراره ؛ و لتلك الصفة مراتبٌ آخرها العصمة ، فأوّلها معتبر هناك ؛ و طريان ما ينافيها و اضمحلالها به ـ بل و زوالها ـ لاينافي حصولها .

1.رسائل فقهية للشيخ الأنصاري : ۲۵ .

صفحه از 477