الجوهرة العزيزة في شرح الوجيزَة - صفحه 427

و من هنا تصدر المعاصي ـ كثيرا ـ من أهل الملكات ، لا لعدمها من أصلها ، بل و زوالها من شدّة ضعفها و قوّة ما يزيلها ، و لو لا ذلك لما كان لأخذ العلماء تلكك الملكةَ في العدالة معنى .
و كيف يجوّز عاقل عليهم أن يأخذوا فيها مثل هذا الأمر و يعتبروا فيها ما يلزم منه بحكم الوجدان ما هو بديهيّ البطلان؟! ؛ إذ المفروض أنّه لاخفاء في الملازمة و لا في بطلان اللازم و هو الاختلال ، بل الانصاف أنّ الاقتصار على ما دون هذه المرتبة تضييع حقوق اللّه و حقوق الناس.
و كيف يحصل الوثوق في الإقدام على ما أناطه الشارع بالعدالة ، ممّن لايُظنّ فيه ملكة ترك الكذب و الخيانة ، فيُمضى قولُه في دين الخلق و دنياهم من الأنفس و الأموال و الأعراض ، و يُمضى فعله على الأيتام و الغُيَّب و الفقراء و السادة؟!
قال بعض السادة :
إنّ الشريعة المَنيعة ، التي منعت من إجراء الحدّ على من أقرّ نفسه بالزنا مرّة بل ثلاثا ، كيف تحكم بقتل النفوس و إهراقهم و قطع أياديهم و حبسهم و أخذ أموالهم و أرواحهم بمجرّد شهادة من يُجهل حاله من دون اختبار؟! ۱
و فيه : أنّه لا كلام في استناد ترك المعاصي إلى خوف بالقلب ، و لكن حصول الخوف ـ في الجملة ـ يلزم حسنَ الظاهر ، و لكن هو من استناد ترك كلّ ذنب إليه واقعا ، فضلاً عن حصول ملكتها .
و من المعلوم أنّ الجزم بها مشكل ؛ فإنّ حصولها من أصلها خلاف الأصل ، و بقاؤها و استمراره يخالف الأصل الآخر .
و بالجملة ، فلا كلام في حصول الملكة بالنسبة إلى ترك بعضى المعاصي ، كالزنا بالأُمّهات ، و وَطْ ءِ البنات ، و اللواط من البنين للاّطئ ، و كذا استناد ترك المعاصي بعضها أو أكثرها إلى خوفٍ مّا في القلب ، و هو مشترك ؛ فإنّ من يواظب على الأوامر و

1.كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري ۲ : ۴۰۷ ؛ رسائل فقهية للشيخ الأنصاري : ۲۸ .

صفحه از 477