الجوهرة العزيزة في شرح الوجيزَة - صفحه 436

الراويَ مرتكبا للمعاصي ؛ و أنت تعلم أنّ عدم الوجدان لايدلّ على عدم الوجود.
و قد يُزعَم أن ليس لهذا الكلام مساغ إلاّ متى فسّرت العدالة بظاهر الإسلام أو حسن الظاهر ، كما هو الظاهر ؛ و أمّا إذا فسّرت بالملكة ـ كما هو الأشهر بين متأخّري الأصحاب ـ فحينئذٍ ترجيح الجرح محلّ تأمّل ؛ فإنّ المعدِّل أيضا يخبر عن اتّصاف الراوي بتلك الملكة في نفس الأمر ، لا محضِ عدم وجدانه مرتكبا للكبائر غيرَ مصرّ على الصغائر .
و من هنا قال علاّمة الجواهر ـ قدّس سرّه ـ ما لفظه :
و أيضا قد اشتهر بينهم تقديم الجرح على التعديل ؛ لعدم حصول التعارض ؛ لكون المعدِّل لايعلم و الجارح عالم ، و من لايعلم ليس حجّة على من علم ، و لو كان عن باب الملكة ، لكان من باب التعارض ؛ لأنّ المعدِّل يخبر عن الملكة ، و الآخَرَ يخبر عن عدمها ، بل عن ملكة الفسق .
اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ أهل الملكة ينفون الحكم ـ بمقتضاها ـ بمجرّد وقوع الكبيرة مثلاً و إن لم تذهب الملكة ، فلايكون تعارض بينهما ؛ إذ قد يكون الجارح اطّلع على فعل كبيرة و لاينافي ذلك إخبار العدل بحصول الملكة .
نعم ، لو كان الجرح بما يرفع الملكة اتّجه التعارض ؛ فتأمّل جيّدا ۱ .
هذا ، و يمكن أن يناقش ۲ فيه : بأنّ عدم الكبيرة مأخوذ في العدالة إجماعا ، على ما تقدّم ، إمّا لكونه قيدا للملكة على ما اخترناه ، و إمّا لأخذه في العدالة بدليل الإجماع و النصّ ، كيف؟ و لو لم يكن مأخوذا ، لم يكن الجارح معارضا له أصلاً .
و كيفما كان ، فاعتماد المعدِّل على هذا الأمر العدميّ المأخوذ في تحقّق العدالة ليس إلاّ على أصالة العدم أو أصالة الصحّة أو قيام الإجماع ، على أنّ العلم بالملكة المجرّدة طريق ظاهري للحكم بتحقّق ذلك الأمر العدميّ .

1.جواهر الكلام ۱۳ : ۲۹۷ .

2.المناقش شيخنا الأنصاري رحمه الله . منه

صفحه از 477