الوجيزة في علم دراية الحديث - صفحه 527

يرجع إلى ذات الرواة و أوصافهم من حيث مدخليّة ذلك في اعتبار الحديث و عدمه ـ أنسبُ بعلم الرجال ، و كذا في كيفيّة أنحاء تحمّله من السماع والقراءة والإجازة و غيرها ؛ إذ في ذلك أيضاً مدخل تامّ في اعتبار الحديث و عدمه و قوّته و ضعفه فيراعى مطلقاً ولا أقلّ في مقام التعارض والترجيح .
نعم ، البحث في أقسامه باعتبارات أُخر ـ من المتواتر و الآحاد و الغريب و الشاذّ و غيرها من قبيل هذه الأقسام ـ بعلم الدراية أنسبُ و إن كان لبعض أقسامه مدخل فيما ذكر.

[وجه الحاجة إلى علم الرجال]

و على كلّ حال ، فوجه الحاجة إلى هذا العلم ، و فائدته المحتاج إليها للفقيه ، و الّذي اضطرّ عامّة المجتهدين و افتقرهم إليه ، هو أنّ استنباط الأحكام ـ الواجبَ عيناً أو كفايةً ـ موقوف في أزماننا أو مطلقاً على النظر في الأحاديث ؛ لوضوح عدم كفاية غيرها ، و غناه ۱ عنها ، ولا ريب في أنّ أخبارنا المدوّنة في الكتب الأربعة و غيرها ليست بأجمعها معتبرة ، فيتوقّف معرفة ما هو معتبر في نفسه و ما ليس بمعتبر كذلك عليه و كذلك يتوقّف عليه معرفة ما هو أرجح من حيث السند ممّا ليس كذلك في صورة التعارض .
و من زعم من القاصرين ۲ أنّ أخبار الكتب المتداولة بين أصحابنا الإماميّة أو خصوصَ المدوّنة في الأربعة المعروفة منها ، قطعية الصدور عن الأئمّة عليهم السلام ـ بزعم استفادته من أُمور واهية ومحصّلها القطع بأخذ ما فيها عن الأُصول الأربعمائة المعروفة في عصرهم ، وأنّ السبب في تعارضها ليس إلاّ التقية فلا حاجة إلى العلم المذكور ، ـ فقد جاء بشطط من الكلام كقصر باعهم عن الوصول إلى مبادي العاليات ، و انتهاء نظرهم دون البلوغ إلى نهاية التحقيقات في غير المقام ، و ذهابهم إلى ما يخالف العيان ، و يكذّبه كلّ مستقيم الذوق و الوجدان ، إذ مرجع كلامه ـ كما أشار إليه بعض

1.عطف على «كفاية» أى عدم غنى الفقيه عن فائدة علم الرجال .

2.من الفرقة الأخبارية ، «منه».

صفحه از 579