الوجيزة في علم دراية الحديث - صفحه 530

ثمّ بعد ما تقرّر ما ذكرنا نقول : إنّ ما يتقوّم به معنى الحديث فهو متنه ۱ ، و سلسلة رواته إلى المعصوم عليه السلام سنده.

[تعريف الحديث و الخبر و الحديث القدسي]

و الحديث ـ و يرادفه الخبر و الرواية في المقام ـ هو ما يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره . و أمّا نفس قول المعصوم عليه السلام أو فعله أو تقريره الغير العاديّات ، فهو السنّة التي هي من الأدلّة الأربعة للأحكام الشرعيّة . و حكاية المعصوم الحديث القدسي ـ و هو كلامه تعالى المُنزل لا على سبيل الإعجاز و بهذا افترق عن القرآن ـ فهي داخلة في السنّة . و حكاية الراوي هذه الحكاية عن المعصوم عليه السلام داخلة في الحديث . و نفس الحديث القدسي و متنه ليس بسنّة و لا حديثاً و لا قرآناً و قيل غير ذلك . و الكلام فيما يرد على التعريفات و المذكورات في المقام يشغلنا عنه ما هو أهمّ فلنقتصر على ذلك.

[تقسيم الحديث إلى الصحيح و الحسن و الموثّق و الضعيف]

ثمّ إنّ الحديث ينقسم باعتبارات إلى أقسام ، فباعتبار اختلاف أحوال رواته في الاتّصاف بالإيمان و العدالة و الضبط و عدمها ينقسم إلى أقسام أربعة ، هي أُصول الأقسام عندهم فقد يزاد في التقسيم بتقسيم كلٍّ إلى أعلى و غيره و قد يزاد على الأدنى بأنّه كالأعلى فيقال مثلاً : الحسن كالصحيح أو القويّ كالحسن و نحو ذلك . ۲

1.المتن في الأصل ما اكتنف الصلب من الحيوان و مَتَنَ الشيءُ قَوِيَ، و منه الحبل المتين فكما أنّ الحيوان يتقوّى بالظهر ، فمتن الحديث ما يتقوّم و يتقوّى به الحديث ؛ و السند مأخوذ من قولهم فلان سند أي يُستند إليه في الاُمور و يُعتمد عليه و سُمِّيَ طريق الحديث ـ أعني سلسلة رواته إلى المعصوم عليه السلام ـ سنداً ؛ لاعتماد المحدّثين في صحّة الحديث و ضعفه على ذلك ، «منه» .

2.و بيان هذا الإجمال أنّ بعضاً من المتأخّرين جعل الصحيح من الحديث على ثلاث درج ، أعلى و أوسط و أدنى ، فالأعلى ما كان اتّصاف كلّ واحدٍ واحدٍ من سلسلة السند بما ذكر بالعلم أو بشهادة عدلين ؛ و الأوسط ما كان اتّصاف سلسلة السند بما ذكر بشهادة عدل واحد يفيد الظنّ المعتمد به و لو في بعض الطبقات ، و المركّب من الأعلى و الأدنى داخل في هذا القسم ؛ و الأدنى ما كان ثبوت الاتّصاف بالأوصاف المذكورة لسلسلة السند بالظنون الاجتهادية و لو في طبقةٍ ما ، مع اتّصاف الباقين بما ذكر بالطريق المذكور في القسم الثاني فالمركّب من الأخيرين داخل في الأخير و تجري مثل هذه القسمة في الثلاثة أو الأربعة الباقية من الأقسام الأصلية بنوع عنايةٍ إلاّ في الأخير لأنّ الضعيف أمر عدمي فلا يقبل القسمة المذكورة أو لعدم الاحتياج بعد ثبوت الجرح بهذه القسمة . ثمّ إنّه يمكن زيادة الأقسام بتشبيه نوع أدنى بنوع أعلى من هذا النوع أو من غيره من قسيميه ، فالأول كما يقال : الصحيح الأوسط كالصحيح الأعلى ، أو الأدنى كالأوسط ، أو الأعلى ؛ أو الموثّق الأوسط كالموثّق الأعلى و هكذا . و أما الثاني فيقال : الحسن كالصحيح ، و الموثّق كالصحيح ، و القويّ كالحسن ، و القويّ كالصحيح و هكذا، «منه».

صفحه از 579