الوجيزة في علم دراية الحديث - صفحه 532

والثلاثة الأُولى من الأربعة حجّة . و أمّا الضعيف ، فلا حجّة فيه إلاّ إذا اشتهر العمل به ، و يُسمّى مقبولاً فهو حينئذٍ حجّة سيّما إذا كان الاشتهار بين القدماء ، نعم يجوز الاستدلال به في المندوبات و المكروهات ؛ للتسامح في أدلّتهما لأخبار من بلغ.

[تقسيم الحديث و الخبر عند القدماء]

ونسبة هذا الاصطلاح ـ أعني تنويع الخبر بالأنواع الأربعة ـ إلى المتأخّرين ؛ لأنّ المتقدّمين لم يكن ذلك معروفاً بينهم بل الخبر عندهم صحيح و غير صحيح .
و الصحيح عندهم ما كان معتضداً بأمارات توجب الوثوق و الاطمئنان و الاعتماد عليه كوثاقة رواته أو وجوده في كثير من الأُصول أو في البعض بطرق متعدّدة ، أو في أصلِ أحدِ الجماعة الذين أجمعوا على تصحيح ما يصحّ عنهم كصفوان ، أو تصديقهم كزرارة ، أو على العمل بروايتهم كعمّار ، أو اعتضاده بعمل الطائفة ، أو اعتماد الشيخ الجليل عليه إلى غير ذلك من الأمارات التي كانت توجب وثوقهم به .
و غير الصحيح هو ما لم يكن كذلك.
و على هذا الاصطلاح القدمائي جرى ابن بابويه في كتابه الفقيه ، فحكم بصحّة ما أورده فيه ، و غيرُه من القدماء في غيره مع عدم كون المجموع صحيحاً باصطلاح المتأخّرين ، و لذا حكموا بضعف كثير من الأخبار المحكومة عند المتقدّمين بالصحاح حتّى المدوّنة في الأربعة.

[دليل عدول المتأخرين عن طريقة المتقدّمين]

و الباعث للمتأخّرين على عدولهم عن طريقة القدماء و وضع هذا الاصطلاح ـ على ما ذكره بعض الأعلام ـ «هو تطاول الأزمنة بينهم و بين صدر السالف ، و اندراس بعض الأُصول المعتمدة ؛ لتسلّط الظلمة و الجابرين من أهل الضلال و الخوف من إظهارها و انتساخها ، و انضمّ إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من الأُصول في الكتب

صفحه از 579