الوجيزة في علم دراية الحديث - صفحه 533

المشهورة في هذا الزمان ، فالتبست المأخوذة من الأُصول المعتمدة بغيرها ، و اشتبهت المتكرّرة فيها بغير المتكرّرة ، و خفي عليهم كثير من القرائن فاحتاجوا إلى قانون يتميّز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها فقرّروا هذا الاصطلاح ۱ ، و أوّل من سلك طريق المتأخّرين العلاّمة أعلى اللّه مقامه» . ۲
وقد علم أنّ الظاهر المصرّح به في جمعٍ أنّ الباعث على التقسيم الأربع للمتأخّرين ضبطُ طريق اعتبار الرواية و عدمه من جهة رجال السند مع قطع النظر عن القرائن الخارجيّة بضابطٍ حيث اندرست الأمارات بتطاول العهد ، و سقطت أكثر قرائن الاعتبار ، لا حصرُ اعتبار الرواية و عدمه فيما ذكروه على الإطلاق ، و من هنا تراهم كثيراً ما يطرحون الموثّق بل الصحيحَ ، و يعملون بالقويّ بل بالضعيف فقد يكون ذلك لقرائن خارجة ، منها الانجبار بالشهرة روايةً أو عملاً و قد يكون لخصوص ما قيل في حقّ بعض رجال السند كالإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه أو على العمل بما يرويه أو على أحد الاحتمالين فيه أو قولهم : إنّه لايروي إلاّ عن ثقة ؛ و نحو ذلك .
فالنسبة بين الصحيح عندهم و المعمول به عموم من وجه ؛ و قد يسمّى المعمول به من غير الصحيح و الموثّق بل الحسن بما وصفناه ؛ و قد يسمّى بالمقبول ، و منه

1.أقول : و يظهر من المتقدّمين أيضاً تقسيمه إلى أقسام : منها : الصحيح ، و منه قولهم : لفلان كتاب صحيح ، و قولهم : اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن فلان ، و قول الصدوق رحمه الله : كلّ ما صحّحه شيخي فهو عندي صحيح . و منها : المعمول به ، و منه قولهم : إنّ الطّائفة عملت بما رواه فلان ، و سكنوا إلى روايات فلان و نحو ذلك . و منها : الشاذّ و النادر . و منها : الضعيف ، و في عبائرهم «فلان ضعيف» أو «ضعيف الحديث» أو «مختلطة» أو «غير نقيّة» و نحوها و من هاهنا يظهر اندفاع ما أورده كثير من القاصرين و هم الأخبارية على تقسيم المتأخّرين بأنّه اجتهاد منهم و بدعة ، و الأوّل طريقة العامّة و الثاني في الضلالة ؛ و قد أجابهم علماؤنا الأُصوليّون في كتبهم بما لا مزيد عليه في ضمن ردّ شبهاتهم الكاسدة ، و نقتصر عليه هنا بهذه الكلمة فقط و هي أنّ الاصطلاح كان موجودا عند القدماء و الصادر من المتأخّرين تغييره إلى ما هو أضبط و أنفع فإن كان مجرّد التغيير بدعة فهؤلاء القاصرون أيضا من أهلها لتغييرهم كيفية البحث و الاستدلال و التصنيف و التأليف و غير ذلك مع أنّ أصل عروضه عند القدماء أيضا بدعة ، مضافا إلى منع كلّية الكبرى لما ورد في تقسيم البدعة و اختصاص بعض أقسامها بالضلالة ؛ و لتطويل الكلام معهم [راجع] كتبنا الاُصولية ، «منه» .

2.مشرق الشمسين و اكسير السعادتين : ۳۰ ـ ۳۱ .

صفحه از 579