الوجيزة في علم دراية الحديث - صفحه 535

المختصر ـ فالاقتصار على هذا المقدار أولى و زيادة.

[الخبر المتواتر والأُمور المعتبرة فيه]

ثمّ ينقسم الخبر باعتبار حال المُخبِر كثرةً و قلّةً إلى متواتر و آحاد ؛ و «المتواتر هو خبر جماعة يفيد بنفسه العلم بصدقه» و قيل «هو خبر جماعة يمنع تواطؤهم على الكذب» و يعتبر فيه أُمور :
منها : أن يبلغ المخبرون في الكثرة حدّاً يمتنع كذبهم أجمع عادةً و لو على سبيل السهو و الخطأ ، سواء اتّحدت الطبقة أو تعدّدت ، لكن يعتبر في صورة التعدّد أن يتحقّق التواتر في كلّ طبقةٍ ، سواء علم تحقّقه بالتواتر أو بغيره من الطرق العلميّة ، و لا حصر لأقلّهم بل المرجع فيه إلى العادة.
و منها : أن يكون إخبارهم عن محسوس فلا تواتر في الأحكام العقليّة ، ضرورةً كانت ككون الكلّ أعظم من الجزء أو نظريّةً كحدوث العالم و قِدَمه ، لا بمعنى أنّ العلم لايحصل بأقوال أهلها و إن كثروا ـ لوضوح أنّ العلم قد يحصل بها ، و من هنا قال بعض المحقّقين : إنّ إطباق جميع من يعتدّ به من العقلاء الأوّلين و الآخرين على وجود صانع مبدع للأنام مدبّر للنظام ممّا يفيد العلم العادي بصدقهم و عدم تواردهم على الخطاء في ذلك ـ بل بمعنى أنّ اتّفاقهم و تسالمهم على قولٍ واحد لايسمّى متواتراً و إن أفاد العلم بصحّته ، و الفرق بين الأمرين بيّن لايخفى.
و منها : أن لايكون السامع عالماً لواقعة من غير طريق التواتر ، و لهذا لايقال : وجود بلداننا التي شاهدناها ، متواتر عندنا ؛ و عُلّل بأنّ الخبر حينئذٍ لايفيد العلم ؛ للزوم تحصيل الحاصل .
و يشكل فيما لو تأخّرت المشاهدة عنه.
قيل : ومنها : أن لا يكون السامع قد سبق إليه شبهة أو تقليد يؤدّي إلى عدم الوثوق بالخبر ، و رام القائل باعتباره به الفرقَ بين الأخبار المتواترة بوجود البلدان والأخبار

صفحه از 579