الوجيزة في علم دراية الحديث - صفحه 536

المتواترة بكثير من معجزات النبي صلى الله عليه و آله التي ينفرد بها المسلمون ، و روايةِ النص الجليّ على إمامة عليّ عليه السلام و خلافته التي يتفرّد بها الإماميّة.
و التحقيق : أنّ هذا الشرط شرط في حصول العلم بالتواتر لا في تحقّقه ، فإنّا نقطع بأنّ الأخبار المذكورة متواترة عند كثير ممّن لايقول بمقتضاها من الكفّار و المخالفين و إن أنكروا كونها متواترةً ؛ لعدم إفادتها العلم عندهم و لهذا نقول : إنّ الحجّة قد تمّت و لزمت في حقّهم ؛ إذ لا عبرة بشبهة الجاحد بعد وضوح مسالك الحقّ و ظهورها.

[أنواع التواتر في الخبر]

و التّواتر قد يكون في معنى من المعاني فقط كما إذا تعدّدت الألفاظ مع اتّحاد المعنى مطلقاً أو في الجملة ، و يسمّى بالتواتر المعنوي ، و قد مثّلوا لذلك بشجاعة عليّ عليه السلام وجود حاتم . فقد روي عنه أنّه عليه السلام فعل في غزوة بدر كذا ، و في أُحد كذا ، و في خيبر كذا و هكذا ، و كذلك عن حاتم أنّه أعطى فلاناً كذا ، و فلاناً كذا و هكذا ؛ فإنّ كلّ واحد من الحكايات الأُوَل يستلزم شجاعته عليه السلام و كلّ واحد من الحكايات الأُخر يتضمّن جود حاتم.
و قد يكون التواتر في معنى وفي اللّفظ أيضاً ۱ حيث اتّحد لفظ الرواية في جميع الطرق سواء كان ذلك اللفظ تمامَ الحديث ، مثل «إنّما الأعمال بالنيّات» على تقدير تواتره كما ادّعي .
و فيه تأمّل و إن نقله الآنَ عددُ التواتر و أكثر ؛ لأنّ ذلك قد طرأ في وسط إسناده الآنَ دون أوّله ، و أكثر ما ادّعي تواتره من هذا القبيل ، نعم يمكن ادّعاء تواتر حديث «من كذب عليّ فليتبوّأ مقعده من النار» فقد نقله عن النبي صلى الله عليه و آلهالجمّ الغفير ـ أو بعضَه كلفظ «من كنت مولاه فعليّ عليه السلاممولاه» و لفظ «إنّي تارك فيكم الثقلين» لوجود تفاوت في سائر

1.قيل : و هذا لايكاد يعرفه المحدّثون في الأحاديث ؛ لقلّته و هو كالقرآن و ظهور النبيّ و القبلة و الصلاة و أعداد الركعات و الحجّ و مقادير نُصُب الزكوات، «منه».

صفحه از 579