الوجيزة في علم دراية الحديث - صفحه 557

[التسامح في أدلّة السنن]

و منها أنّ موضوع المستحبّات يتسامح في إثباته بما يتسامح فيه في الأحكام فإذا وردت رواية ضعيفة بدفن رأس الحسين عليه السلام عند رأس أبيه عليه السلام أو ذكر بعض الأصحاب أنّ هوداً وصالحاً مدفونان في هذا المقام المعروف الآن في وادي السلام ۱
أو أخبر عدل واحد بأنّ مكاناً مخصوصاً مسجد أو مدفن لنبيّ أو وصيّ أو وليّ ، يحكم باستحباب زيارته عند الرأس أو زيارتهما في البقعة المعروفة و هكذا.

[جواز التعبّد بخبر الواحد]

و منها لا ريب في جواز التعبّد بخبر الواحد المحفوف بالقرائن التي يفيد بمعونتها العلم عقلاً و شرعاً كالخبر المتواتر و هو موضع وفاق . و أمّا المجرّد عنها ـ أي الخبر الواحد العاري عن القرائن المفيدة للعلم بصدق نفسه و بصدق مضمونه و إن كان نصّاً في الدلالة ـ فالمعروف بين أصحابنا الإماميّة جواز التعبّد به عقلاً أي لا يلزم من تجويز العمل به محال أو قبيح .
و نقل عن ابن قبة من قدماء أصحابنا إنكاره و المنع منه عقلاً .
ثمّ صار الأكثرون إلى وقوع التعبّد به شرعاً أيضاً أي جواز العمل به الشامل للوجوب في الشرع خلافاً لجماعة من قدمائنا كالسيد و ابن زهرة و ابن البرّاج و ابن ادريس و الطبرسي و الحلّي و ربما ينسب إلى المفيد و الشيخ و ابن بابويه و المحقّق بل في الوافية أنّه لم يجد القول بالحجّية صريحاً ممّن تقدّم على العلاّمة ، و إن قيل و هو عجيب .
و المراد وقوع التعبّد بخبر الواحد شرعاً بالخصوص و إلاّ فأصل وجوب العمل بالأخبار المدوّنة في الكتب المعروفة ممّا أجمعوا عليه في هذه الأعصار في الجملة ، بل لايبعد كونه ضروري المذهب كما نصّ عليه شيخ مشايخنا قدس سره ، و إن اختلفوا في كون

1.هذا بناء على إلحاق فتوى الفقيه بالرواية الضعيفة في التسامح، «منه».

صفحه از 579