الوجيزة في علم دراية الحديث - صفحه 559

التقوى اجتناب الكبائر مع عدم الإصرار على الصغائر ؛ و المروّة الاجتناب عمّا يدلّ على خسّة النفس و دناءة الهمّة بحسب حاله ، صغيرةً كانت كالتطفيف بحبّة أو سرقتها ، أو مباحاً كلبس الفقيه لباس الجندي و الأكل في الأسواق في بعض الأوقات و الأزمان.
و لم يعتبر جماعة المروّة ۱ فيها و هو الظاهر إلاّ أن يكشف مخالفتها عن ضعف عقلٍ و قصور تميزٍ موجبٍ لعدم الاعتداد بتقوى صاحبه أو بشهاداته.
ثمّ الكاشف عن تلك الملكة هو المعاشرة ـ المُعطَّلة عليها علماً أو ظنّاً ـ أو شهادةُ عدلين ، و هي عند أكثر متأخّر المتأخّرين ـ كما عُزِيَ إليهم ـ حسن الظاهر و ظهور الصلاح و كون الشخص ساترا لعيوب نفسه و مجتنباً عن الكبائر مواظباً للطاعات ، و هذا الحسن هو الكاشف عن تلك الملكة . و هذا الشرط ذكره جماعة و نسب إلى المشهور .
و جماعة إلى كفاية تحرّز الراوي عن تعمّد الكذب و إن كان فاسقاً بجوارحه.
ـ و السادس: الضبط ، و هو أن يكون حفظه غالباً على سهوه و نسيانه ، فإنّ من لا ضبط له لا وثوق بخبره ؛ لاحتمال الزيادة في روايته و النقصان و التغيير و التحريف احتمالاً مساوياً لعدمها أو قريباً منه ، فلايبقى تعويل على خبره ؛ و لو كان ضابطاً للرواية أو لبعض الأحاديث فقط أو على حال و وصف عُوّل عليه.
ثمّ الشرائط المذكورة بعضها يعتبر عند معتبريه حال الأداء فقط دون التحمّل كالبلوغ فإنّ من سمع قبله و روى بعده فقبوله ـ حيث يجتمع غيره من الشرائط ـ لا مانع منه . و مثله الإسلام و الإيمان و العدالة فإنّ المعتبر فيها أيضاً عند معتبريها حال الرواية . و أمّا العقل و الضبط فالظاهر اعتبارهما في الحالين.

1.وعن جماعة أنّ المروّة اتّباع محاسن العادات و التحرّز عن مساويها من المباحات التي تنفر عنها النفس و تؤذن بدناءة فاعلها كالأكل في المجامع و الأسواق و البول في الشوارع عند سلوك الناس و المضايقة في اليسير الذي لا يناسب حاله و نقل الماء و الأطعمة بنفسه ممّن لايليق بشأنه إن كان عن شحّ و بخل و نحو ذلك ممّا يكشف عن دناءة الطبع و عدم المبالات ، و يختلف باختلاف الأمكنة و الأزمنة و الحالات، «منه».

صفحه از 579