الرابع : [في أنّ النجاشي قد أدرك جماعة] [ولم يرو عنهم لضعفهم أو اتّهامهم]
أنّ النجاشي قد أدركَ جماعة ولم يروِ عنهم تعليلاً بالضعف أو الاتّهام ، أو
لم يرو ، والظاهر أنّ عدم الرواية من جهة الضعف أو الاتّهام .
أمّا الأوّل : فهو الحال في أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه بن الحسن بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري ؛ حيث إنّه قال في ترجمته :
كان سمعَ الحديث فأكثر واضطرب في آخر عمره ـ إلى أن قال : ـ وكان صديقاً لي ولوالدي ، وسمعت منهُ شيئاً كثيراً ، ورأيتُ شيوخنا يُضعّفونه فلم أروِ عنه شيئاً وتجنّبته ۱ .
وكذا الحال في أبي المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن محمّدبن عبيد اللّه بن بهلول ؛ حيث إنّه قال في ترجمته :
سافر في طلب الحديث عمرَه ، وكان أوّلَ أمره ثبتاً ثمّ خلط ، ورأيت جُلّ أصحابنا يغمزونه ويضعّفونه . ـ ثمّ قال : ـ رأيتُ هذا الشيخ وسمعتُ منه كثيراً ، ثمّ توقّفت عن الرواية عنه إلاّ بواسطة بيني وبينه ۲ .
وأمّا الثاني : فهو الحال في أبي نصر هبة اللّه بن أحمد بن محمّد الكاتب المعروف بابن بَرنيّة ۳ ؛ حيث إنّه قال في ترجمته :
سمعَ حديثاً كثيراً ، وكان يَتعاطى الكلام ، ويحضر مجلس أبي الحسين بن شيبة العلوي الزيدي المذهب ، فعمل له كتاباً ، وذكر أنّ الأئمّة ثلاثة عشر مع زيد بن عليّ بن الحسين ، واحتجّ بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي أنّ الأئمّة اثنا عشر من ولد أميرالمؤمنين عليه السلام ، له كتاب في الإمامة ، وكتاب في أخبار
ابن أبي عمير وأبي جعفر العمريين ، ورأيتُ أبا العبّاس بن نوح قد عوّل عليه في الحكاية في كتابه أخبار الوكلاء ، وكان هذا الرجل كثير الزيارات ، وآخرُ زيارةٍ حضرها معنا يوم الغدير سنة أربعمائة بمشهد أميرالمؤمنين عليه السلام ۴ .
قال السيّد السند النجفي :
ولم أجِد لهذا الرجل ذِكراً في طُرق الأُصول والكُتب مع تقدُّم طبقته ، وليس إلاّ لضعفه بما ارتكبه من تصنيف الكتاب المذكور ، ولذا تعجّب من تعويل ابن نوح عليه ۵ .
وكذا القاضي أبو الحسن المخزومي عليّ بن عبد اللّه بن عمران القرشي المعروف بالميموني ؛ حيث إنّه قال في ترجمته :
كان فاسد المذهب والرواية ، وكان عارفاً بالفقه ، وصنّف كتاب الحجّ ، وكتاب الردّ على أهل القياس ، فأمّا كتاب الحجّ فسلّم إليّ نسخته فنسختها ، وكان قديماً قاضياً بمكّة سنين كثيرة ۶ .
قال السيّد السند النجفي : «ولم أجد له رواية عنه» ۷ . فمقتضى العبارة المذكورة من النجاشي أنّه لقي القاضي المذكور . والظاهر أنّ عدم روايته من جهة فساد في مذهبه ، وهو قد أعاد ذكره في باب الكُنى ، وقال : «إنّه مضطرب جدّاً» ۸ .
وكذا أبو محمّد الحسن بن أحمد بن القاسم بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب عليه السلامالشريف النقيب ؛ حيث إنّه قال في ترجمته : «إنّي رأيت بعض أصحابنا يغمز عليه
في بعض رواياته ـ إلى أن قال ـ قرأتُ عليه فوائد كثيرة ، وقُرِئ عليه وأنا أسمع» ۹ .
قال السيّد السند النجفي :
ولم أجد في الكتاب نقلاً عنه إلاّ في أبي القاسم عليّ بن أحمد الكوفي صاحب المقالات والمنازل التي تدّعيها له الغُلاة ؛ فإنّه قال : وذكر الشريف أبو محمّد المحمّدي ـ رحمه اللّه ـ أنّه رآه . انتهى ۱۰ .
والظاهر أنّ عدم النقل عنه من جهة الغمز من بعض الأصحاب .
1.رجال النجاشي : ۸۵ / ۲۰۷ .
2.رجال النجاشي : ۳۹۶ / ۱۰۵۹ .
3.قوله : «المعروف بابن برنية» بالباء الموحّدة المفتوحة ، والراء المهملة الساكنة ، والنون المكسورة ، والياء المنقَّطة تحتها نقطتين المشدّدةِ ، هذا ما ذكره في التوضيح ، ويساعده المرسوم في نسختين معتبرتين من كتاب النجاشي ، لكن في الإيضاح : برني بالباء المنقَّطة نقطةً ، والراء ، والنون ، والياء المنقَّطة تحتها نقطتين (منه سلّمه اللّه ) .
4.رجال النجاشي : ۴۴۰ / ۱۱۸۵ .
5.رجال السيّد بحرالعلوم ۲ : ۹۶ .
6.رجال النجاشي : ۲۶۸ / ۶۹۸ .
7.رجال السيّد بحرالعلوم ۲ : ۹۴ ، وفيه : «المعروف بالميمون» .
8.رجال النجاشي : ۴۶۱ / ۱۲۶۲ .
9.رجال النجاشي : ۶۵ / ۱۵۲ .
10.رجال السيّد بحرالعلوم ۲ : ۹۳ .