السابع : [ في أنّ النجاشي قد حكم في طائفة من الطريق بالضعف] [أو الجهالة ، ومقتضاه اعتبار الطريق عنده فيما سكت عن حاله ]
أنّ النجاشي قد حكم في طائفة من الطُرُق بالضعف أو الجهالة ، ففي ترجمة محمّد بن الحسن بن شمّون حكم بأنّ الطريق مُظلم ۱ ، وفي ترجمة عيسى بن المستفاد حكم باضطراب الطريق ۲ ، وفي ترجمة سعيد بن جناح حكم بجهالة الطريق ۳
. ومقتضى ما ذكر اعتبار الطريق عنده فيما سكت عن ضعفه ، ولاسيّما مع إكثار النقل .
الثامن : [في أنّ المستفاد من طريقة النجاشي] [اعتمادُه على جميع من روى عنه ، وسلامةُ مذاهبهم]
أنّ المستفاد من طريقة النجاشي ـ من عدم الرواية عن الضعفاء والمُتّهمين كما يظهر ممّا مرّ ـ اعتمادُه على جميع من روى عنه ، و وثوقُه بهم ، وسلامة مذاهبهم ورواياتهم عن الضعف والغمز .
ويؤيّده ما ذكره في ترجمة جعفر بن محمّد بن مالك بن سابور ؛ حيث إنّه ـ بعد دعوى ضعفه في الحديث ، ونقْلِ أنّه كان يضع الحديث وضعاً ويروي عن المجاهيل ـ قال : «وسمعتُ مَن قال : كان فاسدَ المذهب . ولا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة أبو عليّ بن همّام ، وشيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري؟!» ۴ .
والظاهر أنّ قوله : «ولاأدري» استئناف كلام من نفسه ، ومقتضاه استغرابه روايةَ الشيخين عن أبي سابور مع ضعفه في الحديث وفساد مذهبه ، فمقتضاه احترازه عن الرواية عن الضعيف وفاسد المذهب ، فمقتضاه اختصاص الرواية منه بالموثوق به صحيح المذهب .
ويؤيّده أيضاً أنّه قال في ترجمة هبة اللّه بن أحمد بن محمّد الكاتب أبي نصر كما تقدّم :
سمع حديثاً كثيراً،وكان يتعاطى الكلام ، ويحضر مجلس أبي الحسين بن شيبة العلوي الزيدي المذهب ، فعمل له كتابا ، وذكر أنّ الأئمّة ثلاثة عشر مع زيد بن عليّ بن الحسين عليه السلامواحتجّ بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي أنّ الأئمّة اثني عشر من ولد أميرالمؤمنين عليه السلام . ـ إلى أن قال ـ : ورأيت أبا العبّاس بن نوح قد عوّل عليه في الحكاية ۵ .
والظاهر أنّ قوله : «ورأيت» من باب التعجّب من تعويل ابن نوح على روايات هبة [اللّه ] مع فساد مذهبه .
فمقتضاه التجنّب منه عن الرواية عن فاسد المذهب .
إلاّ أن يقال : إنّ التعجّب بعد ثبوته إنّما هو على التعويل ، لاعلى نفس الرواية .
إلاّ أن يقال : إنّ الغرض من التعويل التعويل على نفس الرواية .
وربّما قال النجاشي في ترجمة عبيد اللّه بن أبي زيد :
وكان أصحابنا المتقدّمون يرمونه بالارتفاع . ـ ثم قال : ـ قال الحسين بن عبيد اللّه : قدم أبو طالب الأنباري بغداد ، واجتهدت أن يمكّنني أصحابنا من لقائه فأسمع منه ، فلم يفعلوا ذلك ۶ .
ومقتضى ما نقله عن الحسين بن عبيد اللّه ـ المقصود به الغضائري ـ أنّ طريقة علماء زمان الحسين كانت جاريةً على الاحتراز عن الرواية عن فاسد المذهب ، فمقتضاه احترازه عن الرواية عن فاسد المذهب من باب الجريان على الطريقة المُتعارفة في عصره ؛ لمُعاصرته مع الحسين المتعارف ذلك في عصره .
1.رجال النجاشي : ۳۳۵ / ۸۹۹ .
2.رجال النجاشي : ۲۹۷ / ۸۰۹ .
3.رجال النجاشي : ۱۹۱ / ۵۱۲ .
4.رجال النجاشي : ۱۲۲ / ۳۱۳ .
5.رجال النجاشي : ۴۴۰ / ۱۱۸۵ فيه مكان شيبة : «الشيبه» .
6.رجال النجاشي : ۲۳۲ / ۶۱۷ . مع اختلافين .