أنّه لو تعارض قول النجاشي والشيخ ، فقال الشهيد الثاني في المسالك عند الكلام في التوارث بالعقد المنقطع في تعارض قول النجاشي والشيخ في محمّد بن خالد البرقي : «وظاهر حال النجاشي أنّه أضبُط الجماعة ، وأعرفهم بحال الرجال» ۱ .
ومقتضاه تقديم قول النجاشي ، وهو مقتضى تقديمه النجاشي على الشيخ في الذكر في بعض تعليقات الخلاصة ، كما في ترجمة سليمان بن خالد ۲ . وكذا تقديم «جش» على «ست» و«جخ» من جماعة في فاتحة الكتاب عند بيان الرموز ، وكذا في تضاعيف التراجم .
وقال الفاضل الاسترآبادي في ترجمة سليمان بن صالح الجصّاص : «ولايخفى تخالف ما بين طريق الشيخ والنجاشي ، ولعلّ النجاشي أثبتُ» ۳ .
وقال المولى التقيّ المجلسي : «إنّه يقع منه الاجتهاد الغلط في بعض الأوقات ، ويظهر منه أنّه اجتهاده ، ولكنّه أثبتُ من الجميع كما يظهر من التتبُّع التامّ» ۴ .
وقال الفاضل الشيخ محمّد في بعض كلماته عند الكلام في داود بن حُصَيْن : «والحقّ أنّ قول النجاشي لايعارضه قول الشيخ ؛ لأنّ النجاشي أثبتُ» ۵ .
وقال في شرح الاستبصار في باب حكم الماء الكثير إذا تغيّر أحد أوصافه بعد ذكر تعارض كلام النجاشي والشيخ في سماعة : «ولكنّ النجاشي يقدّم على الشيخ
في هذه المقامات ، كما يعلم بالممارسة» ۶ ، بل حكي دلالة كلام من المقدّس على ذلك ۷ . وفي المعراج في ترجمة إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سِمال : «النجاشي أضبطُ علماء الرجال» ۸ .
وقال في رياض العلماء : «النجاشي أبصرُ في علم الرجال حتّى من الشيخ الطوسي» .
وقال السيّد السند النجفي : «ولعلّ النجاشي أثبتُ» ۹ ـ يعني ـ من الشيخ ـ وحكى التصريحَ بتقديمه عن جماعة من الأصحاب ، وحكى ظهور تقديمه عن المحقّق في كلماته بمُلاحظة إكثاره في الاستناد إلى كلامه ، وقلّة التصريح بالاستناد إلى كلام غيره من أصحاب الرجال حتّى الشيخ .
وكذا عن العلاّمة في الخلاصة ، قال : «فإنّه شديد التمسّك بكلامه ، كثير الاتّباع له ، وعباراته ـ حيث يحكم ولايحكي عن الغير ـ هي عبارات النجاشي بعينها» ۱۰ . وقال بعض أصحابنا : «إنّه لاشُبهة في كون النجاشي أضبَط» ، يعني من الشيخ .
وعن الحاوي في ترجمة النجاشي : أنّه لايبعُد ترجيح قوله ـ يعني النجاشي ـ على قول الشيخ مع التعارض ، كما ينبئ عنه تتبّع الأحوال ۱۱ .
وعنه في ترجمة سالم بن مُكْرَم : أنّه لم يبعد ترجيح قول النجاشي في الجرح والتعديل على قول الشيخ ؛ لتأخّره ۱۲ .
ويظهر من المحقّق الثاني تقديم قول الشيخ ؛ حيث إنّه عند الكلام في اشتباه دم الحيض بالقرحة جرى على ترجيح ما رواه الشيخ ـ من كون المدار على الطرف الأيسر ـ على ما رواه الكليني من كون المَدار على الطرف الأيمن ؛ تعليلاً بأنّه أعرف بوجوه الحديث وأضبط ، بل جرى على ترجيح ذلك بعمل الشيخ في النهاية ۱۳ .
وهذا يقتضي غاية الوثوق بالشيخ ، ومُنتهى الاعتماد عليه ؛ حيث إنّ مرجعه إلى الترجيح بعمل الشيخ ، ولم أظفر بمن جرى على الترجيح بعمل الفقيه الواحد في تعارض الخبرين ، بل يقتضي ذلك كونَ الشيخ أضبطَ من الكليني .
ومقتضى بعض كلمات المولى التقيّ المجلسي ـ مع جَوْدَة اطّلاعه على الأخبار متناً وسنداً ۱۴ من أنّ الجمع الواقع من الكليني في حواشي الإعجاز ـ ترجيحُ الكليني على الشيخ .
ويقتضي القول بذلك ۱۵ بعضُ كلمات المولى التقيّ المجلسي ؛ حيث إنّه قال في جملة كلام له في ترجمة محمّد بن أُورَمَة : «فإنّ الشيخ لتبحّره في العلوم كان يعلم أو يظنّ عدم لزوم ما ذكره النجاشي» .
وهو مُقتضى ما عن المُحدِّث الجزائري في غاية المرام في تعارض كلام النجاشي والشيخ في سالم بن مُكْرَم من أنّه لاريب في أنّ الشيخ أثبتُ وأدرى ۱۶ .
1.مسالك الأفهام ۱ : ۴۰۵ .
2.تعليقة الشهيد على الخلاصة : ۱۲ .
3.منهج المقال : ۱۷۴ .
4.روضة المتّقين ۱۴ : ۳۳۱ .
5.استقصاء الاعتبار ، لم يطبع .
6.نقله السيّد بحرالعلوم في رجاله ۲ : ۴۶ .
7.حكاه السيّد بحرالعلوم في رجاله ۲ : ۴۶ .
8.معراج أهل الكمال : ۳۰ ، وفيه : «أضبط علماء الجرح والتعديل وأعلمهم بالتزيين والوقف» .
9.رجال السيّد بحرالعلوم ۲ : ۴۶ .
10.انظر رجال السيّد بحرالعلوم : ۴۵ .
11.حاوي الأقوال ۱ : ۱۸۴ .
12.حاوي الأقوال ۱ : ۴۲۵ .
13.جامع المقاصد ۱ : ۲۸۳ .
14.بيان لبعض كلمات المجلسي وهو أنّ المجلسي قال : إنّ الجمع الواقع من المجلسي بين الأخبار المتعارضة يُشبه الإعجاز وواقع في حواشي الإعجاز . فقوله : «في حواشي» خبر أنّ .
15.أي تقديم الشيخ على النجاشي لا الكليني على الشيخ .
16.غاية المرام في شرح تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ، وهو كتاب كبير في ثمان مجلّدات ، كتبه بعد كتابه شرحه الكبير على التهذيب الموسوم ب (مقصود الأنام) ، انظر الذريعة إلى تصانيف الشيعة ۱۶ : ۱۸.