رسالة في الشيخ البهائي - صفحه 498

[في انقضاء دَينه بالدعاء ]

وقال شيخنا البهائي في الشرح المذكور عند شرح الحديث السادس عشر المرويّ عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : «شكوت إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ديناً كان عليَّ فقال : يا عليّ ، قل : اللهمّ أغنني بحلالك عن حرامك ، وبفضلك عَمَّنْ سواك ، فلو كان عليك مثل صبير ۱ دَيناً قضاه اللّه عنك» ۲ :
قال جامع هذه الأحاديث : كَثُرَ عليَّ الدَيْنُ في بعض السنين حتى تجاوزَ ألفاً وخمسمائة مثقال ذهباً ، وكان أصحابُه متشدّدين في تقاضيه غايةَ التشدّد حتّى شغلني الاهتمام به عن أكثرِ أشغالي ، ولم يكن في وفائه حيلة ولا إلى أدائه وسيلة ، فواظبت على هذا الدعاء فكنتُ أُكرّرُه كلَّ يوم بعد صلاة الصبح ، وربّما دعوتُ به بَعْدَ الصلواتِ الأُخر أيضاً فيسّر اللّه سبحانه قضاءه وعجَّل أداءه في مدّة يسيرة بأسباب غريبة ما كانت تخطر
بالبال ولا تمرّ بالخيال ۳ .
وقال عند شَرْح الحديث الرابع والعشرين المرويّ عن أميرالمؤمنين عليه السلام أيضاً قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيء قليل الحياء ، لايبالي بما قال ولا ما قيل له ، فإنّك إن فَتَّشْتَهُ لم تجِدْه إلاّ لُغية أو شِرك شيطان» ۴ إلى آخر الحديث في تفسير لُغْية :
يحتمل أن يكون بضمّ اللام ، وإسكان الغين المعجمة ، وفتح الياء المثنّاة من تحت ؛ أي ملغى ، والظاهر أنّ المراد به المخلوق من الزنى .
ويحتمل أن يكون بالعين المهملة المفتوحة أو الساكنة ، والنون ؛ أي من دأبه أن يلعن الناس أو يلعنوه ، قال في كتاب أدب الكاتب : فُعْلة بضمّ الفاء وإسكان العين من صفات المفعول ، وبفتح العين من صفات الفاعل يقال : رجل هُمْزة للذي يُهزأ به وهُمَزة لمن يَهزأ بالناس ، وكذلك لُعْنَة ولُعَنَةُ ۵ . ۶
وقد أورد عليه السيّد الداماد في الحاشية كلاماً طويلاً حاصِلُه أنّ اللام حرف الجرّ لا أصليّة ، كما هو مدار ما ذكره شيخنا البهائي يقال : ولدُ غَيَّةٍ ولِغيّة ، أي زنيّةٍ ولِزنيّة ، قبالَ ما يقال : ولد رشدة ولرشد ، أي نكاحٍ صحيح . وجعل ما جرى عليه شيخُنا البهائي من أعاجيب الأغاليط وتعاجيب التوهّمات .
وشنّع عليه أيضاً في الرسالة المعمولة في التصاحيف والأغاليط ، وأكثرُ تلك التصاحيف والأغاليط مذكورة في الرواشح أيضاً ۷ .
وقد ذَكَرَ فيها طائفةً أُخرى أيضاً .
وفي آخر الشرح المذكور بخطّ صاحب الأسفار :
اتّفق الفراغ من مَشَقّةِ مَشْقِهِ يوم السبت ثمان وعشرين من شهر صَفَر ، خُتِمَ بالخير والظفر سنة ستّ وألف من هجرة سيّد المرسلين عليه وآله أفضلُ صلواتِ المصلّين على يد الفقير إلى اللّه الغنيّ ، صَدْر الدين محمّد الشيرازي وفّقه اللّه للعمل في يومه لغده قبل أن يخرجَ الأمر من يده بمحروسة قزوين ، والحمدللّه أوّلاً وآخراً وباطناً وظاهراً .
وفي الحاشية ممّا قاله أدام اللّه تعالى ظِلالَه في تاريخه :
لقد تمّ تأليف هذا الكتاب وتمّ الأحاديث تاريخها
قوله : «وحاشية الاثني عشريّة للشيخ حسن» الاثنا عشرية في الطهارة والصلاة ، وهي موجودة عندي ، وقد ذكر بعضُ تلاميذ العلاّمة المجلسي ـ على ما في آخر جلد إجازات البحار ـ أنّ الحاشية كانت موجودة عنده ۸ ، ومن هذا يظهر أنّها كانت نادرةَ الوجودِ ، كما هو الحال في الحال ، لكنّها موجودة عندي أيضاً ، ولم يأت شيخنا البهائي في ۹ الحاشية بذكر اسم المصنّف ؛ أعني الشيخ حسن ، ولعلّه لشدّة اشتهار الاثني عشريّة ، لا المضايقةِ عن التسمية من باب تقليل الاعتناء ، كما أشار إلى الاشتهار في أوّل الحاشية .
ويرشد إليه أنّ السيّد السند التفرشي في ترجمة فيض اللّه التفرشي عدّ من كتبه شرح الاثني عشريّة ، ولم يذكر صاحب الاثني عشريّة ۱۰ ، والمقصود الاثنا عشريّة المذكورة ، هذا .
وقد عبّر شيخُنا البهائي ب «بعض أفاضل المعاصرين» في أوائل مَشْرِقِه عند الكلام في كون التزكية من باب الشهادة أو خبر الواحد ۱۱ ، والمقصود هو صاحب المعالم في المنتقى .
وقد عبّر عنه أيضاً ب «بعض المعاصرين» في تعليقات الزبدة في باب الترجيح عند الكلام في الترجيح بقلّة الواسطة ۱۲ ؛ حيث إنّه اعترض على العلاّمة في النهاية ـ على الاستدلال على الترجيح بقلّة الواسطة بقلّة الكذب والغلط والسهو فيما قلّت الوسائط فيه بالنسبة إلى ما كَثُرت الوسائط فيه ـ بأنّ عاليَ السند يضعف الاعتماد عليه ؛ لندرة طول العمر زيادةً على العادة ، فتطرُّق احتمال الكذب أو الغلط إليه أكثرُ من تطرّقه إلى ما يعارضه .
واعترض على الاعتراض صاحبُ المعالم بأنّ تأثير الندور في مثله غير معقول . قال شيخنا البهائي ـ بعد أن عبّر عنه ببعض المعاصرين ـ : «وظنّي أنّ هذا المعاصر لم يفهم ما قصده العلاّمة» .
وقد ذكر الفاضلُ أوّلُ المجلسيَّيْن في أوائل شرح مشيخة الفقيه :
أنّه بالغ بعضُ الأصحاب ـ المقصود به صاحب المعالم ـ في اشتراط العدلين في المزكّي ردّاً على شيخنا البهائي ، وذكر شيخُنا البهائي وجوهاً في الردّ عليه ۱۳ .
أقول : إنّ ما حكي عن شيخِنا البهائي فقد سَمِعْتَه ، وأمّا ما حكي عن صاحب المعالم فقد عبّر في المعالم و ۱۴ المنتقى في باب اشتراط العدلين في التزكية ببعضِ
الفضلاء المعاصرين ونحوه ۱۵ ، لكن ليس ما حكي من كلام شيخنا البهائي في المشرق والزبدة ، ولعلّه من كلامه في حاشية الخلاصة .

1.والصبير اسم جبل باليمن ، ليس باليمن جبل أعظم منه .

2.الأمالي للصدوق : ۳۴۷ ، المجلس ۶۱ .

3.الأربعون حديثاً : ۲۴۳ .

4.الكافي ۲: ۳۲۳ ، ح ۳ ، باب البذاء .

5.الأربعون حديثاً : ۳۲۲ .

6.أدب الكاتب : ۵۶۷ .

7.الرواشح السماويّة : ۱۴۲ .

8.بحار الأنوار ۱۰۷ : ۱۷۰ . والمقصود به عبد اللّه بن عيسى التبريزي المشهور بالأفندي ، صاحب كتاب رياض العلماء المتوفّى ۱۱۳۰ ه . ق .

9.في «د» زيادة : «أوّل» .

10.نقد الرجال ۴ : ۳۳ / ۴۱۵۸ .

11.مشرق الشمسين : ۴۶ .

12.اُنظر زبدة الأُصول للبهائي : ۱۲۵ .

13.روضة المتّقين ۱۴ : ۱۷ .

14.في «د» : «أو» .

15.اُنظر المعالم ۲۰۴ ؛ ومنتقى الجمان ۱ : ۱۴ .

صفحه از 534