رسالة في الشيخ البهائي - صفحه 530

[في أحوال والد الشيخ البهائي ]

وحكى في رياض العلماء في ترجمة والد شيخِنا البهائي عن المولى مظفّر عليّ ۱ في رسالته في أحوال شيخِنا البهائي :
أنّ والد شيخنا البهائي توجّه في زمان السلطان شاه طهماسب ۲ الصفوي من بلاد جبل عامل مع جميع توابعه وأهل بيته إلى إصفهان ، واشتغل بإفادة العلوم الدينيّة ، ثمّ عرض خبرَ وروده الشيخُ الفاضلُ الشيخ عليّ الملقّب بالمنشار ـ وكان شيخ الإسلام بإصفهان ـ إلى السلطان وهو كان في قزوين ، فكتب السلطان بخطّه إلى والد شيخِنا البهائي ، وطَلَبَ حضورَه ، فتوجّه والد شيخنا البهائي إلى قزوين ، ووصل إلى خدمة السلطان ، وهو قد عظّمه غايةَ التعظيم ، وجعله شيخَ الإسلام واستمرّ على ذلك سبع سنين ، وكان يقيم صلاة الجمعة ، ثمّ جعله السلطان شيخَ الإسلام في المشهد الرضوي على مشرّفه آلاف السلام والتحيّة .
ثمّ أَمَرَ السلطان بأن يتوجّه والد شيخنا البهائي إلى هراةِ لخلوّها عن العالِم وعن التديّن بالمذهب الاثني عشري ، فتوجّه إليها ، وأقام بها في كمال العزّة ثمان سنين ، ثمّ توجّه إلى قزوين ليحصل رخصة لزيارة بيت اللّه لنفسه ولابنه شيخنا البهائي ، فرخّص السلطان له دون ولده وأمر بإقامته هناك ، فتوجّه والد شيخنا البهائي إلى زيارة بيت اللّه ورجع من طريق البحرين وأقام بها ، وكتب إلى ابنه أنّك إن تطلبْ مَحْضَ الدنيا
فلابدّ أنْ تذهب إلى بلاد الهند ، وإن كُنتَ تريدُ العقبى فلابدّ أن تجيء إلى البحرين ، وإن كنت لا تريد الدنيا ولا العقبى فتوطّن ببلاد عراق العجم ۳ .
وحكى في التوضيح عن شيخنا البهائي أنّه ذكر أنّ من كتب العلاّمة شرحَ الإشارات ولم يذكره في عداد الكتب التي ذكرها في الخلاصة وهو موجود عندي بخطّه ۴ .
وذكر في رياض العلماء : أنّ المظنون أنّ عقد المؤاخاة يوم الغدير قد نشأ من شيخِنا البهائي ، وتبعه من تأخّر عنه كالمحدّث القاشاني وغيره ۵ وهو أدرى بما قاله .
وحكى صاحب الحدائق في أنيسه عن شيخنا البهائي في الكشكول أنّ أباه وَجَدَ في مسجد الكوفة فصّ عقيق عليه مكتوب :
أنادرٌ من السماء نثروني يوم تزويج والد السبطين
كنت أصفى من اللجين بياضاً صبغتي دماء نحر الحسين۶
وحكى عن السيّد علي خان في كشكوله بعد نقل ذلك أنّه قال بعد ذلك :
ووجدنا في نهر تستر صخرة صفراء أخرجها الحفّارون من تحت الأرض ، وعليها مكتوب بخطّ من لونها : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، لا إله إلاّ اللّه ، محمّد رسول اللّه ، عليّ وليّ اللّه ۷ .
وحكى صاحب الحدائق أيضاً فى أنيسه عن شيخنا البهائي في الكشكول أنّه بعد نقل ما رواه في التهذيب في أوائل كتاب المكاسب بسند حسن أو ۸ صحيح عن
الحسن بن محبوب ، عن حريز قال :
سمعت أبا عبد اللّه عليه السلاميقول : «اتّقوا اللّه وصونوا أنفسكم بالورع وقووه بالتقيّة والاستغناء باللّه عن طلب الحوائج إلى صاحب سلطان ، واعلم أنّه من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه على دينه طالباً لما في يديه من دنياه أخْمَلَهُ اللّه ومقته عليه ووكله إليه ، فإن هو غلب على شيء من دنياه فصار منه إليه شيء نَزَعَ اللّه جلّ اسمه منه البركة ، ولم يأجره على شيء ينفقه منه في حجٍّ ، ولا في عتق رقبة ، ولا برّ» ۹ .
قال :
أقول : صدق عليه السلام فإنّا قد جرّبنا ذلك ، وجرّبه المجرِّبون قَبْلَنا ، واتّفقت الكلمة منّا ومنهم على عدم البركة في تلك الأموال الملعونة وسرعة نفادها واضمحلالها ، وهو أمر ظاهر محسوس يعرفه مَن حصّل شيئاً من تلك الأموال الملعونة ، فنسأل اللّه تعالى حلالاً طيّباً يكفّنا ويكفّ أكفّنا عن مدّها إلى هؤلاء وأمثالهم ، إنّه سميع الدعاء لطيف لما يشاء ۱۰ .
وقد ذَكَرَ صاحب الحدائق ـ بعد نقل كلام شيخنا البهائي ـ :
أنّه قد وقع له برهة من الزمان اتّصال عظيم بالسلطان وأجرى عليه الوظيفة والإنعام ، لكن كلّما تعمّد إلى إحراز شيء من ذلك توجّهت لذهابه أسباب ۱۱ .
وحكى صاحب الحدائق في أنيسه أيضاً أُرجوزة من شيخنا البهائي في وصف هراة ، قد اشتغل بها شيخنا البهائي ـ على ما ذكره في الديباجة ـ حين
الابتلاء بالرَمَدِ في قزوين على وجه تَمانَع عن الاشتغال بالمسائل العلميّة ، وسؤال بعض الأصدقاء وصف هراة في أبياتٍ ۱۲ .
وحكى صاحب الحدائق أيضاً في أنيسه : أنّ شيخنا البهائي قد تكلّم فيه بعضٌ تارةً بميله إلى التصوّف ، وأُخرى بسماعه للغناء ، وثالثه بحسن معاشرته مع طوائف الإسلام وأهل الملل بل وغيرهم ۱۳ .
وحكى في الأنيس عن أوثق مشايخه ـ المقصود به العلاّمة المجلسي ـ :
أنّه أتى في بعض السنين إلى السلطان الأعظم شاه عبّاس الأوّل جماعة من علماء الملاحِدة طالبين المناظرة مع أهل الأديان الباطلة ، فأرسلهم إلى حضرة الشيخ بهاء الدين ، فاتّفق أنّهم وردوا مجلسه وقت الدرس وعلم ما أتوا به ، فشرع في نقل أقوال مذاهب الملاحدة ، وفي دلائلهم ، وفي الجواب عنها حتّى مضى عامّة النهار ، فقام الملاحِدة وقبّلوا الأرض بين يديه وقالوا : هذا الشيخ هو عالمُنا وعلى ديننا ونحن له تبع ، ثمّ لمّا تحقّقوا مذهبه بعد ذلك رَجَعَوا إلى دين الإسلام .
وإنّ رجلين من أهل بهبهان : شيعيا وسنّيا تناظرا وتباحثا في المذهب ، فاتّفق رأيهما على أن يأتيا إلى إصفهان ويسألا ذلك الشيخ عن مذهبه ، فلمّا وردا إصفهان جاء الرجل الشيعي إلى الشيخ سرّاً وحكى له ما جرى بينه وبين ذلك الرجل ، فلمّا وردا على الشيخ نهاراً وأعلماه أنّهما تراضيا بدينه شرع في حكاية المذهبين ودلائل الفريقين ، وما أجاب به علماءُ المذهبين حتّى انقطع النهار ، فقاما من عنده وكلّ منهما يدّعي أنّ الشيخ على مذهبه ، فلمّا بحث الرجل السنّي عن مذهبه وأنّه على دين الإماميّة رجع إليه ۱۴ .
وقال شيخُنا البهائي في بعض حواشي مشرقه :
بيني وبين شيخنا الشهيد ـ يعنى الشهيد الأوّل ـ خمس وسائط ، وبيني وبين العلاّمة سبع وسائط ، وبيني وبين المحقّق ثمان وسائط ، وبيني وبين الشيخ الطوسي اثنتا عشرة واسطة ، وبيني وبين الصدوق ثلاث عشرة واسطة ، وبيني وبين الكليني أربع عشرة واسطة .
وحكى في رياض العلماء في ترجمة الشيخ خير الدين وهو من أسباط الشهيد الأوّل : أنّه كان معاصراً لشيخنا البهائي ، وسكن بشيراز في مدّة طويلة ، والشيخ لمّا ألّف الحبْل المتين أرسله إليه بشيراز ـ على ما نقل ـ ليطالع فيه ويستحسنه ، وكان الشيخ يعتقده ويمدحه ، وبعد ما طالعه كتب عليه تعليقاتٍ وحواشي وتحقيقاتٍ بل مؤاخذاتٍ ۱۵ . واللّه العالم .

1.المولى مظفر عليّ من تلامذة الشيخ البهائي ، له رسالة في أحوال الشيخ البهائي بالفارسيّة .

2.في «د» : «شاه عبّاس» .

3.رياض العلماء ۲ : ۱۱۹ .

4.اُنظر رياض العلماء ۱ : ۳۷۶ .

5.رياض العلماء ۱ : ۲۴۸ . وانظر مستدرك الوسائل ۶ : ۲۷۸ أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ، ب ۳ ، ح ۵ .

6.أنيس الخاطر (كشكول البحراني) ۳ : ۶۷ ؛ وانظر روضات الجنّات ۷ : ۷۵ .

7.نقله عنه البحراني في أنيس الخاطر ۱ : ۲۵ ، وحكى نفس القصّة في ج ۳ : ۶۷ .

8.في الكشكول : «و» .

9.تهذيب الأحكام ۶ : ۳۳۰ / ۹۱۴ ، كتاب المكاسب ، الباب ۹۳ .

10.الكشكول للبهائي : ۲۷۴ . ونقله عنه البحراني في كشكوله ۱ : ۴۱ .

11.أنيس الخاطر (كشكول البحراني) ۱ : ۴۱ .

12.أنيس الخاطر (كشكول البحراني) ۲ : ۲۳۵ وهي مائة بيت سمّاها القصيدة الزاهرة .

13.أنيس الخاطر (كشكول البحراني) ۲ : ۱۴۲ .

14.أنيس الخاطر (كشكول البحراني) ۲ : ۱۴۳ .

15.رياض العلماء ۲ : ۲۶۰ . والمقصود من «وكان الشيخ يعتقده» أي كان الشيخ البهائي .

صفحه از 534