رسالة في المحقّق الخوانساري - صفحه 537

ومنه سبحانه الاستعانة .

قال في رياض العلماء بخطّه :
الأستاد المحقّق والملاذ المدقّق الآقا حسين بن جمال الدين محمّد الخوانساري المولد والمجتهد ، ثمّ الإصفهاني المسكن والمدفن ، الفاضل العلاّمة والعالم الفهّامة ، أستاذ الأساتيذ في عصره ، فضائله لا تعدّ ولا تحصى ، وفواضله لا تردّ ولا تحامى ، قد قرأ عليه فضلاء الزمان والعلماء الأعيان في العلوم العقليّة والاصوليّة والفقهيّة .
وكان وحيد دهره وفريد عصره ، لم ير عين الزمان بمن يدانيه ، فكيف بمن يساويه ، ولَعَمر اللّه إنّه كان عين الكمال فأصابه عين الكمال ، وكان ظهرا وظهيرا لكافّة أهل العلم ، وحصنا حصينا لأرباب الفضل والحلم .
وهو كما قال ـ قدّس سرّه ـ من باب لطيفة خاطره : كان تلميذ البشر ، لكثرة مشائخه على محاذاة تلقّب السيّد الداماد بأضرابه بأستاذ البشر ، وذلك من بداءة أمره إلى قريب من أواسطه؛ وقرأ العقليّات على الأمير أبي القاسم الفندرسكي وغيره ، والنقليّات على المولى محمّد تقيّ المجلسي وغيره .
وهو ـ قدّس سرّه ـ شاعر منشئٌ حسن الشِعر والإنشاءبالعربيّة والفارسيّة، وإنشاءاته وأشعاره مشهورة على الألسنة ، مسطورة في المجاميع .
وكان ـ قدّس سرّه ـ لكثرة ذكائه وفطنته في أوان تحصيله قليل المطالعة
حتّى أنّه كان مسلكه أنّه ينعس في مجالس القراءة على الاستاد ، وكان لم يتكلّم كثيرا من أوّل أمره ، حتّى أنّه كان في زمان قراءة الناس عليه أيضا ينعس ، ولم يأخذ الكتاب بيده حال التدريس ، ولا يتكلّم إلاّ قليلاً بقدر الضرورة في بعض المواضع .
وقال الشيخ المعاصر في أمل الآمل :
هو فاضل عالم حكيم متكلّم محقّق مدقّق ثقة ثقة ، جليل القدر ، عظيم الشأن ، علاّمة العلماء ، فريد العصر ، له مؤلّفات . منها : شرح الدروس ، حسن لم يتمّ ، وعدّة كتب في الكلام والحكمة ، وترجمة القرآن ، وترجمة الصحيفة ، وغير ذلك؛ نروي عنه إجازة؛ وقد ذكره السيد عليّ بن ميرزا أحمد في سلافة العصر في محاسن أعيان العصر وأثنى عليه ثناءً بليغا. ۱ انتهى .
وأقول : ترجمة القرآن ممّا لم أسمع به منه ـ قدّس سرّه ـ ولا من أولاده ، ولم يكتبها لي ولده في جملة مؤلّفاته.
ثمّ أقول : وتوفّي ـ رحمه اللّه ـ في سنة ثمان وتسعين وألف في إصبهان ، ودفن بها في صحراء بابا ركن الدين ، بموجب وصيّته . وقد بنى على قبره سلطان الزمان شاه سليمان الصفوى قبّة عالية رفيعة.
وأمّا شرح الدروس فهو شرح كبير جدّا ، قد خرج منه بعضٌ من كتاب الطهارة إلى بحث الفقّاع من النجاسات ، وهو يقرب من خمس وعشرين ألف بيت ، مع أنّه ترك شرح بحث الحيض والاستحاضة والنفاس من البين؛ وهذا كتاب لم يُعمل مثله ، وقد ألّف أوّلاً شطرا من أوّله ، ثمّ تركه وكتب بعد ذلك بزمان كثير الباقي . وكان يقول تلميذه الأستاذ العلاّمة الشيرواني : «إنّ ما كتبه أوّلاً أحسن بكثير ممّا كتبة أخيرا»
بل نقول : ما كان يقدر بعد ذلك أن يؤلّف مثل ما ألّف أوّلاً .
ومن تأليفاته أيضا حاشية على شرح الإشارات ومتعلّقاته من الطبيعى والإلهي ، جيّدة جدّا كاملةٌ؛ وله حاشية أخرى عليه أيضا ، وردّ الأستاذ الفاضل في حاشيته عليه ، ولعلّها لم تتمّ .
وحاشية على الحاشية القديمة الجلاليّة على الشرح الجديد للتجريد ومتعلّقاتها ، وهي من أحسن الحواشي وأفيدها وأدقّها؛ وله حاشية أخرى جديدة عليها أيضا لم يتمّها .
وحاشية على إلهيّات الشفاء وهي ممّا لم يراجعها أصلاً ، ثمّ لمّا تعرّض الأستاذ الفاضل في حاشيته على الشفاء للرّدّ عليه فيها كتب ثانيا حاشيةً أخرى عليه ، وقد ردّ عليه ردّه فيها ، وهي من أواخر مؤلّفاته.
وله أيضا رسالة مقدّمة الواجب وقد تعرّض فيها للردّ على الفاضل القزويني والفاضل النائيني والأستاذ الفاضل أيضا .
ورسالة في مسائل متفرقة ، تعرّض فيها للردّ على تلميذه الأستاذ العلاّمة الشيرواني المذكور ، وقد تتبّع فيها لمؤلّفاته ، وقد أخذ عليه في كلّ موضع وموضع ، وبعد ذلك ردّ الأستاذ العلاّمة المذكور عليه جميع ردوده في رسالة مفردة ، وهي في مطالب من الحكمة والمنطق والكلام والأصول ونحوها ، وهذه آخر ما ألّفه.
وله أيضا حاشية على الحاشية الجلاليّة على تصديقات شرح المطالع ومتعلّقاته لم تتمّ ، بل وهي لم تخرج من المسودّة حتّى ضاعت ، على ما سمعته منه أوان قراءة شرح الإشارات عليه ، وهي من أوائل مؤلّفاته.
وله أيضا رسالة في شبهات متفرّقة وجواباتها ، منها : شبهة الإيمان والكفر ، ورسالة في التشكيك ، ورسالة مختصرة في الجبر والإختيار ، حسنة الفوائد ، قد كتبها على شرح المختصر العضدي في الأصول على ذلك المبحث ، ورسالة في شبهة الظفرة ، لطيفة جيّدة ، ورسالة في شبهة
الاستلزام ، وقد ردّ فيها على الفاضل النائيني والفاضل القزويني .
وهذه الكتب جلّها بل كلّها مشهورة معروفة متداولة بين الطلبة ، وقد سمعت بعضها منه ـ قدّس سرّه ـ ، وكتب أسامي جميعها ولده الفاضل الكامل جمال الدين محمّد ـ سلّمه اللّه تعالى ـ أيضا لي .
وله ولدان فاضلان عالمان جليلان نبيلان ، وهما : المولى الأعظم آقا جمال الدين محمّد، وآقا رضي الدين ، وسيجى ء ترجمة الآقا جمال الدين محمّد.
وأمّا آقا رضى الدين محمّد، فهو الفاضل العالم الزكيّ الذكيّ الألمعي اللَّوزَعي ، الذي قد قرأ العلوم على والده ـ رضي اللّه عنه ـ وكان مع أخ المؤلّف شريك الدرس ، وله أيضا فوائد وتعليقات وكتب ومؤلّفات ، منها : ترجمة نهج الحقّ للعلاّمة في الإمامة بالفارسيّة ، ألّفها للسلطان شاه سليمان الصفوي ، وله أيضا كتاب المائدة السليمانيّة ۲ ، ألّفه للسلطان المذكور أيضا بالفارسيّة ، في أبواب الأطعمة والأشربة وما يناسبها. ۳
أقول : قال في السلافة ـ على ما حكي عبارته في جلد إجازات البحار ـ :
الآقا حسين الخوانساري علاّمة هذا العصر الذي عليه المدار ، وإمامه الذي تخضع لمقداره الأقدار. ۴
وقد حكى العلاّمة [المجلسي] في جلد الإجازات، ۵ إجازته المشار إليها لتلميذه الأمير ذي الفقار ، وهي مبسوطة ، وقد ذكر فيها أنّ أسانيده إلى الكتب الأربعة إجازة متكثّرة واقتصر على إجازة الفاضل التقي المجلسي ؛ وتاريخ الإجازة أربع وستّون بعد الألف.
ولعلّ الأمير ذا الفقار المذكور هو من حكى الفاضل المجلسي عند ذكر رؤياه في باب الصحيفة ۶ أنّه بعد أن رأى الرؤيا ذهب في اليوم إلى شيخنا البهائي وهو كان يقابل الصحيفة وكان القادي هو الأمير ذو الفقار .

1.أمل الآمل ۲ : ۱۰۱ .

2.هو كتاب المائدة السماوية بعينه ، المطبوعة بالمؤتمر لذكرى آقا حسين الخوانساري .

3.رياض العلماء ۲ : ۵۷ـ۶۰ .

4.سلافة العصر : ۴۹۱ .

5.بحار الأنوار ۱۰۷ : ۸۵ ـ ۹۱ .

6.بحار الأنوار ۱۰۷ : ۴۳ .

صفحه از 558