رسالة في الصحيفة السجّاديّة - صفحه 588

[بيان المراد بالمناولة ]

أقول : قوله : «منها ما أرويها مناولة» إلى آخره مقتضى كلامه أنّ عناية الصحيفة من مولانا الحجّة ـ عليه آلاف السلام والتحيّة ـ بتوسّط الواسطة من باب المناولة .
وفيه : أنّه إن كان المقصود بالمناولة هو المعنى اللغوي ، فلا بأس به ، لكن لا وقْع لذكره في المقام .
وإن كان المقصود بها هو المعنى المصطلحَ عليه عند أرباب الدراية ، فيضعّف بأنّ المناولة بالمعنى المذكور على قسمين :
أحدهما : ما كان مقروناً بالإجازة ، كأن يُعطي كتاباً ويقولَ : «هذا سماعي عن فلان فاروهِ عنّي» أو «أجزت لك روايته عنّي فاروهِ عنّي» .
والآخر : ما كان خالياً عن الإجازة ، كأن يُعطي كِتاباً ويقول : «هذا سماعي» مقتصراً عليه، من غير أن يقول : «فاروهِ عنّي» أو «أجزت لك روايته فاروهِ عنّي».
أمّا الأوّل : فالعُمدة فيه الإجازة ، بل عن بعضٍ إنكار إفراده عنها ، وإن يفترقان : بأنّ المناولة تحتاج إلى مُشافهة المُجيز للمُجاز له وحضوره دون الإجازة عن بعض ، وأنّ المناولة أخصّ من الإجازة ؛ لأنّها إجازة مخصوصة في كتاب مخصوص ، بخلاف الإجازة .
وأين عناية مولانا الحجّة ـ روحي وروح العالمين له الفداء ـ للصحيفة الشريفة بتوسّط الواسطة فما ذكر .
وأمّا الثاني : فلا يرتبط بالعناية المذكورة ، وأين أحدهما من الآخر . مع أنّ الظاهر منه جواز الرواية بالمناولة . والظاهر أنّ المشهور عدم جواز الرواية بالمناولة على الاسم الأخير ؛ لعدم دلالته على صدور الرواية .

[بيان المراد بالوجادة ]

قوله : «ومنها ما وجدته بخطّ الشيخ شمس الدين» إلى آخره .
وفيه : أنّ المَدار في الوَجادة المُصطلحة على أن يجد شخص كتاباً رواه شخص عن شخص بخطّه ، أو حديثاً رواه شخص عن شخص بخطّه ، فيقول الشخص الأخير : «وجدتُ في كتاب فلان» ، أو «حدّثنا فلان» . والمقصود بفلان في كلٍّ من الكلامين المَذكورين هو الشخص الأوسط .
فالمَدار في الوجادة على وجدان الشخص الأوّل ما ذكره الشخص الأوسط من كون الكتاب بخطّ فلان ، أي الشخصِ الأخير ، أو كون الرواية رواها فلان ، أي الشخصُ الأخير ، فما وقع من الشخص الأوسط صار سبباً وطريقاً للروايه من الشخص الأوّل، كما هو مقتضى عَدِّ الوَجادة في الدراية من طُرُق التحمُّل .
وما في الزبدة ـ بل هو المشهور في الألسُن من أنّ أنحاء التحمّل سبعة ـ ليس بشيء ؛ إذ المقصود بالتحمّل هو الرواية إلى الأُمور السبعة ، كيف لا ، وكلٌّ مِن تلكَ الأُمور مُقدّم على الرواية ، ومن باب المقدّمه لها. وأين ما ذكر من وجدان الصحيفة الشريفة بخطّ الشيخ شمس الدين . فما صنعه المولى المتقدّم من باب الاشتباه بين أن يجد شخص قول شخص : «روى فلان هذه الرواية بخطّه» وأن يجد الشخص الرواية بخطّ فلان .

صفحه از 624