رسالة في الصحيفة السجّاديّة - صفحه 592

[ما يوجب جبر ضعف سند الخبر]

وبالجملة : ما يوجب رجحان سند أحد الخبرين المتعارضين ، يوجب جبر ضعف سند الخبر ، كما أنّ ما يوجب رجحان دلالة أحد الخبرين المتعارضين ، يوجب ضعف دلالة الخبر ، فيجبر ضعف سند الخبر بواسطة متنه ، إمّا من جانب اللفظ من حيث الفصاحة والبلاغة والاشتمال على المحاسن البديعيّة ، وإمّا من جانب المعنى من حيث علوّ المُفاد .
ويُرشد إلى انجبار ضعف سند الخبر بواسطة المتن لفظاً : ما نقل من أنّ كفّار قريش أرادوا أن يتعاطوا معارضة القرآن ، فعكفوا على لباب البُرّ ولحوم الضأن وسلاف الخمر أربعين يوماً لتصفو أذهانُهم ، فلمّا أخذوا فيما أرادوا ، سمعوا قوله سبحانه : «وَ قِيلَ يَـأَرْضُ ابْلَعِى مَآءَكِ وَ يَـسَمَآءُ أَقْلِعِى وَغِيضَ الْمَآءُ وَ قُضِىَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِىِّ»۱ فقال بعضهم لبعض : هذا كلام لا يُشبهه شيء من الكلام ، ولا يشبهه كلام المخلوقين ، وتركوا ما أخذوا فيه ۲ .
وقد ذكر السيّد السند العليّ في أنوار الربيع ثلاثة وعشرين نوعاً من المحاسن البديعيّة في تلك الآية ، قال : وهي سبع عشرة لفظةً . وربّما نقل عن بعض أنّه أفردَ رسالة فيما اشتلمت عليه تلك الآية من المحاسن البديعيّة .
ويُرشد إلى انجبار ضعف سند الخبر بمعناه : ما نقل من أنّ عثمان بن مظعون أسلم بسماع قوله سبحانه : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الاْءِحْسَـنِ وَ إِيتَآىءِ ذِى الْقُرْبَى وَ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ»۳ ؛ لاحتوائه على جميع مراتب الخير والشرّ بما لا يحتويه غيره من الآيات ۴ .
وبما ذكر يظهر الحال فيما اشتمل عليه نهج البلاغة والخُطَب التي جَمَعها بعضٌ منسوبةً إلى أميرالمؤمنين ويعسوب المسلمين ، والديوان المنسوب إليه ، عليه آلاف السلام والتحيّة إلى قيام يوم القيامة .
والظاهر أنّ علوّ المُفاد في الأخير أزيدُ من مزايا الألفاظ .
ولا يذهب عليك أنّ العمدة فيما يحكم باستناد الخبر إلى المعصوم عليه السلامبواسطة مزايا الألفاظ إنّما هي الفضل ، بل خصوصُ بعض أصنافه ؛ حيث إنّ تميّز تلك المزايا في عهدة الفضل بل بعضِ أصنافه. و[أمّا] علوّ المفاد : فتميّزه في عهدة العقل ، فالعمدة فيما يحكم باستناد الخبر إلى المعصوم عليه السلامبواسطة علوّ المُفاد إنّما هي العقل .
وأيضاً غاية الأمر في المقام إنّما هي ثبوت استناد الصحيفة الكاملة إلى المعصوم في الجملة ، لاخصوصِ مولانا سيّد السجّاد وزين العباد عليه آلاف التحيّة من ربّ العباد إلى يوم التناد .
ونظير ذلك الحالُ في سائر موارد جبر ضعف الخبر وعموم موارد ترجيح أحد الخبرين المتعارضين بمزايا الألفاظ أو علوّ المُفاد ، لكنّ الشهرة العمليّة في موارد جبر ضعف السند وموارد الترجيح توجب الظنّ باستناد الخبر إلى من روي الخبر عنه من المعصومين سلام اللّه عليهم أجمعين .

1.هود (۱۱) : ۴۴ .

2.مجمع البيان ۳ : ۱۶۵ .

3.النحل (۱۶) : ۹۰ .

4.مجمع البيان ۳ : ۳۸۰ ؛ نور الثقلين ۳ : ۷۸ .

صفحه از 624