منهاج الحقّ و اليقين في تفضيل عليّ أميرالمؤمنين علي سائر الأنبياء و المرسلین - صفحه 49

وهكذا عيسى بن مريم ، قال اللّه تعالى : « فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَا تَحْزَنِي » 1 إلى آخر الآية ، فكلّم اُمّه وقت ولادتها وقال لها : « فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً » 2 ، وقال حين أشارت إليه في قومها : « قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً » 3 ، وتكلّم عيسى وقت ولادته ، واُوتي الكتاب والنبوّة ، وأوصى بالصلاة والزكاة لثلاثة أيّام من مولده ، وكلّمهم في اليوم الثاني .
وقد علمتم أنّ اللّه خلقني وعليّاً من نور واحد ، وكنّا في صلب آدم نسبّح اللّه تعالى ، ثمّ نقلنا فلم يزل نورنا ينتقل من أصلاب الرجال الطاهرة إلى أرحام الزكيّة 4 يُسمَع تسبيحنا في الظهور والبطون في كلّ عهدٍ وعصر إلى عبد المطّلب ، فإنّ نورنا كان يظهر في ملاحة وجوه آبائنا واُمّهاتنا ، فلمّا افترق نورنا نصفين : نصف في عبد اللّه ونصف في أبي طالب ، كان يسمع تسبيحنا في ظهورهم ، وكان عمّي وأبي إذا هم جلسوا في ملإٍ من الناس أنار نوري في صلب أبي ونور عليّ في صلب أبيه إلى أن خرجنا من صلب آبائنا وبطون اُمّهاتنا .
ولقد هبط علَيَّ أخي 5 جبرئيل وقت ولادة عليّ ، وقال لي : يا محمّد ، الحقّ يقرئك السلام ويهنّيك بولادة أخيك وابن عمّك عليّ بن أبي طالب ، ويقول لك : هذا أوان ظهور نبوّتك وإعلان أخيك وابن عمّك ووزيرك وصنوك 6 وخليفتك ، ومن شددتُ به أزرك وأعليتُ به ذكرك . فقلت له : الحمد للّه . فقمتُ مبادرا، فوجدت فاطمة بنت أسدٍ قد جاءها المخاض وحولها النسوة والقوابل ، فقال لي أخي جبرئيل : سجّف بيننا وبين النساء سجافاً ، فإذا وضعت عليّاً فالتقه أنت . ففعلت ما أمرني به جبرئيل ، وقال : امدد يدك اليمنى فالتقِ بها عليّاً فإنّه صاحب اليمين ، فمددت يدي اليمنى نحو اُمّه فإذا بعليّ مائل على يدي ، واضع يده اليمنى في اُذنه اليمنى يؤذّن ويقيم الحنفيّة، ويشهد

1.سورة مريم، الآية ۲۴ .

2.سورة مريم ، الآية ۲۶ .

3.سورة مريم، الآيتان ۲۹ ـ ۳۲ .

4.«ب» : الزاكية .

5.«ألف»: ـ أخي .

6.«ألف» : وصفوتك .

صفحه از 81