رسالة في علم الرجال - صفحه 426

القوى الباطنة، و ليس استناد هذا العلم إلّا إلى الحواسّ الظاهرة الخارج إدراكاتها عن زمرة العلوم. ۱
و علم الدراية يبحث فيه عن أحوال سند الخبر و متنه، بحثا تعلّق بالمفاهيم لا بالمصاديق، كقولهم: إنّ الخبر الصحيح ما كان جميع سلسلة سنده إماميّا عادلاً ضابطا، و هكذا.
و موضوعه: رواة سلسلة الأخبار المنقولة عن النبي صلى الله عليه و آله و آله الأطهار ـ صلوات اللّه عليهم ـ في جميع الأزمنة و الأعصار، و كون الموضوع الجزئيّات الحقيقيّة غير قادح بعد وجود الجهة الجامعة بينها، و هو كونه راويا نظير موضوع علم الفقه، و عدم صدق تعريف الموضوع و هو: ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة التي تعرضه لذاته، كالتعجّب اللاحق للإنسان لذاته، أو لجزئه كالحركة بالإرادة اللاحقة له بواسطة أنّه حيوان، أو لأمر خارج مُساوٍ له مستند إليه لازم لذاته، كالضحك العارض للمتعجّب الخارج منه المساوي له في التحقيق المستند إلى ذاته عليه؛ ۲ لعدم كون الفسق و العدالة و نحوهما ممّا يذكر في أحوال الرجال في كتب الرجال منها غير مضرّ إمّا بمنع صحّة هذا التعريف ـ لأنّا وجدنا التخلّف كثيرا كما في موضوع علم الفقه؛ إذ الأحكام الشرعيّة ليست من عوارض فعل المكلّف لذاتها، بل مستندة إلى أمر الشارع ـ أو بتخصيصه بعد تسليمه بالعلوم الحقيقيّة.
و غايته: تحصيل شرائط قبول الخبر، و هذا الغرض ثابت لجميع الفِرَق العاملة بالأخبار، سواء كانوا من أرباب الظنون المخصوصة أو المطلقة، أو ممّن لم يعمل في صنف الأخبار إلّا بما كان قطعيّا منها بالتواتر أو الاحتفاف بالقرائن الدالّة على صحّة الصدور، كالمرتضى و من تبعه؛ إذ لا ريب أنّ لملاحظة أحوال الرواة مدخليّة كثيرة في حصول العلم فضلاً عن الظنّ، إلاّ لفرق خمسة:
اُولاها: من لم يشترطوا في العمل بالخبر شرطا، بل انقادوا لكلّ خبر، كما نسبه إلى

1.اُنظر: طرائف المقال، ج۱، ص۳۷.

2.اُنظر للمزيد: الشفاء، قسم المنطق، ج۳، ص۱۵۵؛ الحكمة المتعالية، ج۱، ص ۳۰؛ تعليقة الأسفار للسبزواري، ج۱، ص۳۲؛ كفاية الاُصول، ص۷؛ نهاية النهاية، ص۲؛ نهاية الدراية في شرح الكفاية، ص۳؛ فوائد الاُصول، ص۲۰.

صفحه از 478