رسالة في علم الرجال - صفحه 431

القطعيّة الاعتبار، فلا وجه لتلفيقه الأخبار الصحيحة و الضعيفة، بل هذا ممّا يَقطع العقل بحسب العادة بامتناعه.
و يمكن أن يكون قوله: «لاجتماع شهادتهم على صحّة أحاديث كتبهم» إشارةً إلى كلام الكليني و ابن بابويه، و قوله: «و على أنّها مأخوذة من تلك الاُصول المجمع على صحّتها» إشارةً إلى كلام الطوسي في العدّة؛ حيث قال في بيان جواز العمل بخبر الواحد الوارد من طريق أصحابنا الإماميّة المرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام : «إذا كان الراوي ممّا لا يطعن في روايته و يكون سديدا في نقله؛ و الذي يدلّ على ذلك إجماع الفرقة المحقّة، فإنّي وجدتها مجتمعةً على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم، و دوّنوها في اُصولهم، لا يتناكرون ذلك و لا يتدافعونه»، 1 انتهى.
فإنّ هذا الكلام يدلّ على أنّ الاُصول الأربعمئة كلّها كان العمل بها إجماعيّا، و ظاهر أنّ كتابي الشيخ أخذ أحاديثهما عنها، بل الكتب الأربعة كلّها كذلك، 2 انتهى.
أقول: دعوى قطعيّة أخبارنا ـ سيّما في أمثال زماننا ـ من أغرب الدعاوي، و قد أشبعنا الكلام في ذلك في رسائلنا المحرّرة في مسألة حجّيّة الظنّ، و الكلام في المقام بعنوان الإجمال أنّ القطع أمر وجداني، و لمّا راجعنا إلى وجداننا لم نر حصول هذا الوصف فيه، و ليس ذلك من جهة تقصيرنا في الفحص عن الأمارات الموجب تراكمها للقطع لو لم يكف كلّ منها فيه، بل لأجل قصورها عن إفادة القطع بل الظنّ، و ما ذكره رحمه اللهمن القرائن القطعيّة بزعمه مع الإغماض عن دلالة بعضها على وقوع الاحتياج إلى علم الرجال لم يفد لنا شيئا في ذلك، و لا يدلّ شيء منها على المدّعى، فإن كان عندك الإنصاف فلا تمش بطريق الاعتساف.
و تفصيل الجواب: أمّا عن الأوّل مع توضيح منّي و هو:
إنّا نعرف بملاحظة حال الراوي ـ بمراعاة جزمه في نقل الرواية، و احتياطِه مثل ترديده بين اللفظين المحتملين، و مثل قوله في الموضع الذي شكّ: «أظنّ أنّه قال

1.عدّة الاُصول، ج۱، ص۴۷.

2.الوافية، ص۲۶۱ ـ ۲۶۶ (مع اختلاف يسير).

صفحه از 478