رسالة في علم الرجال - صفحه 432

كذا» و «لا أحسبه إلاّ قال كذا» و هكذا ـ أنّ هذا الرجل ثقة في الرواية و لا يرضى بالافتراء بإمامه، فبان العلم بكون الراوي ثقةً لا يرضى بالافتراء... إلخ، [و هذا] لا يحصل إلاّ بالنظر في أحوال الرجال، فهل هذا إلاّ رجوع إلى الاحتياج إلى علم حال الراوي؟ إذ ليس المراد من معرفة الرجال معرفتها من كتاب خاصّ، مع أنّ حصول هذا العلم مطلقا ممنوع، سيّما مع العلم بكون الراوي فاسد المذهب أو فاسقا بجوارحه. و أيضا وفور هذا النوع من القرينة ممنوع؛ إذ الظاهر أنّ خبرا تكون سلسلة سنده كلّها رجالاً يحصل في كلّ منهم العلم بعدم افترائه و سهوه و غلطه في غاية الندرة، مع أنّ كثيرا ما يدلّس المرء أمره لترويج الباطل، و يرائي من نفسه الزهد و الورع لتغرير الناس، و نفي هذا الاحتمال بحيث يقطع بعدمه لأمثالنا في أمثال زماننا في غاية البُعد.
و أمّا عن الثاني: فبأنّ تعاضد البعض بالبعض يعارض تناقض البعض بالبعض أوّلاً، و لا يوجب حصول القطع بالحديث إلّا أن يوصل إلى حدّ التواتر و هو لا يوجد إلّا في غاية الندرة ثانيا، مع أنّ الأخبار المتعاضدة المتّحدة المعاني [التي] لا يكون مشتركة في شيء من رجال السند قليلة الوجود فلا يوجب الاستغناء المذكور ثالثا.
و أمّا عن الثالث: فبأنّ نقل الثقة لا يوجب القطع، و ما ذكره من التأييد يكون التأليف لهداية الناس، فهو لا يوجب القطعيّة، و إنّما يوجبها لو لم يجز العمل بالآحاد، مع أنّ كثيرا من علمائنا المتأخّرين ذكروا في كتابهم المؤلّف لهداية الناس ما لا يفيد إلّا ظنّا، كالشهرة و الإجماع المنقول و نحوها؛ أما تسمع قول الصدوق في أوّل الفقيه: «لم أقصد فيه قصد المصنّفين من ۱ إيراد جميع ما رووا»؟ ۲ على أنّ اللازم منه الصحّة عنده، و أتى لنا بأنّه صحيح في نفس الأمر، و ما ذكره من تمكّنهم من استعلام المآخذ بطريق القطع فهو ممنوع، و لو سلّم في الجملة ففي الجميع غير مسلّم، مع أنّ العلم بكون الراوي كما ذكره نوع من علم الرجال.
و أمّا عن الرابع: فبأنّ الجماعة التي نقل الاتّفاق على العمل بحديثهم في غاية القلّة، و أيضا هذا الإجماع ظنّي، و أيضا هذا الوجه يدلّ على عدم قطعيّة الأخبار؛ إذ الإجماع

1.في المصدر: «في».

2.من لا يحضره الفقيه، ج۱، ص۲.

صفحه از 478