رسالة في علم الرجال - صفحه 436

النهار؛ لأنّهم نوّاب حفّاظ الشريعة و حرّاسها، و بهم استحكم بناؤها و أساسها، فلا حاجة إلى ملاحظة السند الموقوفة على الرجوع إلى علم الرجال غالبا، كما مرّ.
أقول: تقسيم الحديث إلى الأنواع الأربعة قد حدث في زمان العلّامة أو شيخه أحمد بن طاووس ـ رحمهما اللّه ـ ، و كان الباعث على وضع هذا الاصطلاح على ما نقل عن شيخنا البهائي رحمه الله:
هو تطاول الأزمنة بين المتأخّرين و بين الصدر السالف، و اندراس بعض الاُصول المعتمدة لتسلّط الظلمة و الجائرين من أهل الضلال، و الخوف من إظهارها و انتساخها، و انضمّ إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من الاُصول المشهورة في هذا الزمان، فالتبست [الأحاديث ]المأخوذة من الاُصول المعتمدة بغيرها، و اشتبهت المكرّرة فيها بغيرها، و خفي على المتأخّرين كثيرة من القرائن، فاحتاجوا إلى قانون يتميّز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها، فقرّروا هذا الاصطلاح. ۱
و الظاهر أنّ التوثيق و التعديل أيضا كان من جملة القرائن الموجبة للاعتماد عند القدماء، كما يستفاد من طريقتهم في تعديل الرجال و توثيقهم، و يدلّ عليه الأخبار المنقولة عنهم عليهم السلام في الرجوع إلى الأعدل و الأفقه و غيرهما.
ثمّ أقول: إنّه رحمه الله في الحدائق، ۲ و صاحب الوسائل في الوسائل قد أطالوا الكلام في المقام حتّى أنهى الثاني الوجوه إلى الاثنين و العشرين، و لكنّهما لم يأتيا بشيء يورث ظنّا فضلاً عن القطع، و عمدة الوجوه الاثنان منها:
أحدهما: تصديق نفس المشايخ بصحّة أخبارهم على زعم الخصم.
و الثاني: ما شاع في الألسنة من أنّ الأخبار قد وصلت إلينا بعد النقل و الانتخاب بيد الأجلّاء و الثقات من الأصحاب، و لم يعتمد اللاحق خبرا إلّا بعد قراءة السابق عليه و سماعه منه، و ما هذا شأنه كيف يحتمل بقاء الضعاف فيه؟! بل لا يكون إلّا صحيحا من العيب، و سالما من الشكّ و الريب.
و الجواب أمّا عن مسألة تصديق المشايخ و ضمانهم صحّة ما نقلوا في كتبهم،

1.مشرق الشمسين، ص۲۷۰ (مع اختلاف يسير).

2.الحدائق الناضرة، ج۱، ص۱۶.

صفحه از 478