رسالة في علم الرجال - صفحه 441

قال يونس: وافيت العراق، فوجدتُ بها قطعةً من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ، و وجدت أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام متوافرين، سمعت منهم و أخذت كتبهم، و عرضتها من بعدُ على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد اللّه عليه السلام و قال: إنّ أبا الخطّاب كذب على أبي عبد اللّه عليه السلام ، لعن اللّه أبا الخطّاب، و كذلك أصحاب أبي الخطّاب يدسّون في هذه الأحاديث إلى يومنا هذا، فلا تقبلوا خلاف القرآن.۱
و ثالثتها: من زعموا أنّ الأخبار المودعة في الكتب قطعيّة الاعتبار، و هذا القول منسوب إلى طائفة منهم، و هو مقتضى بعض أدلّتهم مثل الاعتماد على قول المشايخ من باب الشهادة، و قد مرّ الكلام في تضعيفه هنا في الجملة، و في رسالتنا في حجّيّة الظن¨ مستوفى، فمن أراد زيادة البصيرة فليراجع إليها.
و لهم وجه آخر ما وجدت في كلامهم، و نحن نذكر لهم، و هو التمسّك بمنطوق آية النبأ الدالّ على جواز الاعتماد على خبر الفاسق بعد التبيين، نظرا إلى أنّ التبيين أعمّ من القطعي و الظنّي و التفصيلي و الإجمالي، و الظنّي الإجمالي حاصل في كتب الأخبار بملاحظة القرائن الكثيرة التي منها تصديق المشايخ العظام، شكر اللّه سعيهم، بمحمّد و آله الكرام.
و هذا الوجه أمتن من جميع الوجوه التي ذكروها، و يردّها وجوه ثلاثة:
الأوّل: منع عموم التبيين، بل هو مختصّ بالقطعي كما هو معناه الحقيقي؛ إذ هو مأخوذ من البيان الذي هو الظهور، سيّما بعد ملاحظة العلّة المنصوصة في ذيلها، و هي «أَنْ تُصِيبُوا قَوْما بِجَهَالَةٍ» ۲ إلخ.
و سيّما أنّ تخصيص النهي عن الوثوق بخبر الفاسق على الغير المفيد للظنّ لا وقع له؛ إذ سجيّة العقلاء قد استقرّت على عدم ترجيح أحد المتساويين على الآخر حذرا من الترجيح بغير مرجّح، و مثل هذا لا يحتاج إلى النهي أصلاً، بل هذه قرينة واضحة على أنّ مورد النهي صورة الظنّ. اللّهمّ إلّا أن يقال: إنّ متعلّق النهي هو الظنّ الابتدائي الحاصل من الخبر، و بعد التأمّل في حال المخبر و ملاحظة فسقه يرتفع الوثوق

1.اُنظر: المصادر السالفة.

2.سورة الحجرات، الآية ۶.

صفحه از 478