رسالة في علم الرجال - صفحه 442

و الاطمئنان بل أصل الظنّ، فكأنّه ـ تعالى شأنه ـ أظهر غفلتهم في الاعتماد على الظنّ الذي لا استقرار له بعد التأمّل، فتأمّل.
و الثاني: منع عموم التبيين للتبيين الإجمالي على فرض شموله على الظنّي؛ إذ الظاهر منه التبيين في كلّ واحد من أخبار الفاسق تفصيلاً، و لم يظهر من القرائن المذكورة لصحّة الأخبار إلّا كون جملة هذه الكتب و هذه الأخبار المذكورة صحيحة، و الظنّ بالجملة بل القطع بها لا يستلزم الظن¨ّ و القطع بجميع الأجزاء.
و الثالث: بعد تسليم ثبوت الظنّ التفصيلي لكلّ واحد من الأخبار المنقولة أنّ العمل بالأخبار بمجرّد وجودها في الكتب و الاُصول ـ و لو كان مظنونا ـ بدون ملاحظة السند و أحوال الرواة خلاف الإجماع؛ إذ بناء جميع الأصحاب من زمان الغيبة الصغرى إلى زماننا هذا على ملاحظة حال الرجل في خبره، كما مرّت الإشارة سابقا بما يدلّ على كون ذلك دأب الصدوق و شيخه ابن الوليد و الشيخ الطوسي و غيرهم، و هو ظاهر على من لاحظ كلماتهم في الكتب الفقهيّة.
و رابعتها: من ادّعوا أنّ الأخبار مظنونة الصدور عن المعصوم عليه السلام بغير ملاحظة أحوال الرجال، و هو الفاضل النراقي في المناهج مدّعيا عدم الاحتياج إلى معرفة أحوال الرواة مطنبا في المقام، و حاصله: أنّ من اطّلع على اهتمام السلف في صرف الأحاديث و نقدها يحصل له الظنّ بصدق ما دوّنوه، بل نقول: لو لم ندّع العلم ندّعي الظنّ المتأخّم له بأنّ الثقة الضابط العالم إذا جمع كتابا في الأحاديث في زمان يكثر فيه القرائن، بل يمكن تحصيل العلم غالبا ـ سيّما مع وجود الاُصول المعتبرة المعروضة على المعصوم عليه السلام المتخلّفة من أيدي الثقات العدول ـ و يريد كونه مرجعا للناس و دستورا لهم، و يقرب زمانه من زمان الحجّة عليه السلام ، و يتمكّن من تمييز الصحيح عن الفاسد، لا يجمع إلاّ ما ظهر له صحّته، سيّما مع شهرة الكذّابين و اجتناب الرواة عنهم، و هل الظنّ بصحّة تلك الأخبار أدون من الظنّ الحاصل من قول المعدّلين سيّما إذا ضمّ إلى ذلك شهادة جمع من العدول على صحّة تلك الأخبار، أو الإجماع على العمل بها؟ نظرا إلى ]أنّ] الشيخ رحمه اللهيقول:

صفحه از 478