رسالة في علم الرجال - صفحه 445

التفصيل و تمييز ما هو الحقّ عن غيره، ثمّ أورد على نفسه بعدم الاحتياج إلى علم الرجال على ما ذَكَرت. ۱
و أجاب عنه بأنّ ما قلته إنّما هو في غير المتعارضات، و أمّا المتعارضات فلم يحصل لنا العلم بالعمل بها إلّا مع الرجوع إلى الترجيح، و لم يحصل لنا العلم بجواز العمل بأحد المتعارضين من دون مراجعة إلى الترجيح، و لا ريب أنّ التفتيش عن حال الرواة أحد أسباب الترجيح.
و الجواب أنّ دعوى حصول القطع بجواز العمل بكلّ ما فيها، و إن كان راويها من الكذّابين المشهورين الذين ورد لعنهم و لزوم الاجتناب عنهم عن الأئمّة، أو من الضعفاء و المجاهيل، مردودة على مدّعيها. و ما استشهد به من عمل السيّد و الشيخ و ابن إدريس و غيرهم بالأخبار الضعيفة، فلا يدلّ على مدّعاه؛ إذ لعلّهم عملوا بها لاحتفافها بالقرائن الموجبة للاعتماد، و لذا نعمل نحن بالأخبار الضعاف المنجبرة بالشهرة.
و الثاني: أنّ بعض الأخباريّين لمّا رأى شناعة دعوى قطعيّة الأخبار وجّه قولهم بقطعيّة الأخبار و دعوى حصول العلم بصحّة الأصل و صدوره عن المعصوم عليه السلام و بصدق مثل الصدوق فيما أسند إلى الأصل أنّ المراد هو ما يطمئنّ به النفس و تقتضي العادة بالصدق، و هذا هو العلم العادي، و هو يحصل بخبر الثقة الضابط المحترز عن الكذب، بل و غير الثقة إذا علم من حاله أنّه لا يكذب أو دلّت القرائن على صدقه، و هذا هو الذي اعتبره الشارع، إلى أن قال:
و الحاصل أنّ مثل هذا الاطمئنان يجوز العمل به، فإن شئت فسمّه علما، و إن شئت فسمّه ظنّا، و النزاع بين الأخباريّين و المجتهدين لفظي. ۲
قلت: يرد عليه إيراد كثير ذكرته في الرسالة المحرّرة في مسألة الظنّ، و نذكر هنا اثنين:
أحدهما: أنّ معنى العلم العادي ليس ما ذكر؛ إذ العلم هو اليقين، و لا فرق بين العلم

1.اُنظر: الوافية، ص۲۷۸ ـ ۲۸۳.

2.لم نقف على قائله.

صفحه از 478