رسالة في علم الرجال - صفحه 446

العادي والعقلي من هذه الجهة، و إنّما الفرق بينهما في أنّ أسباب الأوّل أمر عادي، كعلمنا بأنّ الجبل الغائب عنّا بعد لحظة لم يصر ذهبا، و الثاني عقلي كعدم جواز اجتماع النقيضين.
و مناط الفرق بينهما أنّ العقلي كما يستحيل خلافه عند العالم، يستحيل خلافه بالنظر إلى ذاته، بخلاف العلم العادي؛ فإنّه يستحيل خلافه عند العالم ما دام عالما، و لا يستحيل خلافه بالنظر إلى ذاته؛ لانحراف العادّيات بالمعجزات و الكرامات.
و الثاني: أنّك بعد الاعتراف بأنّ المراد بالعلم هو الظنّ، فحجّيّته تحتاج إلى دليل و لو كان مشابها بالعلم، و لو ادّعى المدّعي بدل العلم العادي العلم العرفي الذي هو مرتبة ثالثة مغايرة للعلم العادي و العقلي ـ و هو الذي كان بناء العرف عليه في جميع اُموراتهم، و هو ما يطمئنّ به النفس، و يحتمل خلافه احتمالاً يعتنى به ـ نردّه أيضا بمنع وجود مثل هذا العلم في الأخبار، كما لا يخفى على ذوي الأبصار.
ثمّ مثل هذا العلم، هل حجّة أم لا؟ وجوه، و الحقّ التفصيل بين ما اعتبر الشارع فيه العلم و ما في معناه ـ كما في أحكام الطهارات و النجاسات العادي و نحوها، فيحكم فيه بعدم اعتبار العلم العرفي، بل المناط فيه العلم الحقيقي ـ و بين ما لم يعتبر فيه، بل أثبت حكما على موضوع من الموضوعات من غير اعتبار العلم و نحوه فيه، فيحكم فيه باعتباره؛ لأنّ طريقة العرف في أمثاله هو المحكم.
فإن قلت: ليس مورد لم يعتبر الشارع فيه العلم؛ إذ الاُصول التي اعتبرها الشارع عند عدم الدليل اشتمل أدلّتها على لفظ العلم واليقين، مثل قوله عليه السلام : الناس في سعة ما لم يعلموا، ۱ و قوله عليه السلام : لا ينقض اليقين بالشكّ أبدا. ۲
قلت: ليس مدرك الاُصول في جميع المقامات هذه الأخبار؛ إذ الاُصول العدميّة حجّيّتها من باب بناء العقلاء، و أخبار الاستصحاب في دلالتها على المدّعى ألف كلام؛ فإذا وجد بناء العقلاء على خلاف الاُصول، فلم يبق دليل على اعتبار الاُصول.

1.الكافي، ج۶، ص۲۹۷، ح۲؛ التهذيب، ج۹، ص۹۹، ح۴۳۲؛ المحاسن، ج۲، ص۲۳۹، ح۱۷۳۷؛ الجعفريّات، ص۲۷؛ النوادر للراوندي، ص۲۲۰.

2.راجع: التهذيب، ج۱، ص۴۲۲، ح۱۳۳۵؛ الاستبصار، ج۱، ص۱۸۳، ح۶۴۱؛ علل الشرائع، ج۲، ص۳۶۱، ح۱.

صفحه از 478