رسالة في علم الرجال - صفحه 449

البيّنة تقوم مقامه شرعا فتغني عنه، و ما سوى ذلك يتوقّف الاكتفاء به على الدليل.
و استدلّ المشهورُ على الاكتفاء بالواحد بوجوه ثلاثة:
أوّلها: أنّ التعديل شرط للرواية، فلا يزيد على مشروطه، و قد اكتفي في أصل الرواية بالواحد.
و ثانيها: مفهوم آية النبأ نظرا إلى أنّ تزكية الواحد داخلة فيه، فيكون المزكّى عدلاً لا يجب التشبّث به عند خبره، و اللازم التعدّي منه إلى غيره.
و اُجيب عن الوجه الأوّل: بالمطالبة بالدليل على نفي الزيادة على المشروط، فلا نراه إلّا مجرّد دعوى. سلّمنا، لكن زيادة الشرط بهذا المعنى على مشروطه بهذه الزيادة المخصوصة أظهر في الأحكام الشرعيّة عند من يعمل بخبر الواحد من أن يبيَّن؛ إذ أكثر شروطها تفتقر المعرفة بحصولها على بعض الوجوه إلى شهادة الشاهدَين، و المشروط يكفي فيه الواحد.
قلت: قد أطنب بعض الأصحاب في النقض و الإبرام في المقام، و ليس بمهمّ، و الصواب أن يقال: إنّ هذا الوجه ممنوع صغرى و كبرى، بل هو قياس صرف.
و عن الثاني: أنّ مبنى اشتراط العدالة في الراوي على أنّ المراد من الفاسق في الآية مَن له هذه الصفة في الواقع، فيتوقّف قبول الخبر على العلم بانتفائها و هو موقوف على العدالة، و إنّما صرنا إلى قبول الشاهدين لقيامها مقام العلم شرعا، و فرض العموم في الآية على وجه يتناول الإخبار بالعدالة يؤدّي إلى حصول التناقض في مدلولها؛ و ذلك لأنّ الاكتفاء في معرفة العدالة بخبر الواحد يقتضي عدم توقّف قبول الخبر على العلم بانتفاء صفة الفسق؛ ضرورة أنّ إخبار العدل بمجرّده لا يوجب العلم، و قد قلنا: إنّ مقتضاها توقّف القبول على العلم بالانتفاء، و هذا تناقض ظاهر، فلابدّ من حملها على إرادة الإخبار بما سوى العدالة.
قلت: ملخّصه أنّه يلزم التناقض بين المنطوق و المفهوم، و التخصيص في المفهوم أولى.
و أجاب بعض الأصحاب عن هذا بأنّ دلالة المنطوق على عدم قبول المزكّى ـ بالمفعول ـ من باب المقدّمة العلميّة، و هو دلالة التزاميّة عقليّة، و دلالة المفهوم على

صفحه از 478