لأنّا نقول أوّلاً: لا دلالة لأخبار المدح و الذمّ على جواز قبول خبرهم؛ إذ ليس قول الإمام عليه السلام في هذا المقام.
و ثانيا: سلّمنا دلالتها، ولكن فررت من محذور إلى محذور آخر، و هو أنّه حينئذ يصير من جملة المسائل الاُصوليّة العلميّة، و المشهور عدم حجّيّة الخبر الواحد فيها، بل نقل الإجماع عليه، و يمكن القول بحجّيّته و إن لم نقل باعتبار تعديل العدل الواحد.
و وجه الفرق أن يقال: إنّه لم يوجد الدليل على اعتبار تعديل العدل الواحد؛ إذ المورد مورد الشهادة، و يلتزم بوجود الدليل على حجّيّة خبر الواحد في المقام بأن يستكشف الإجماع عن أحوال السلف على اعتبار الخبر الواحد في خصوص الرجال أيضا كالأحكام بملاحظة استدلالهم و تدوينهم في ترجمة الرواة، أو يلتزم بدلالة غير ذلك من أدلّة الخبر الواحد عليه.
و يمكن القول بحجّيّة الخبر الواحد و اعتبار تعديل العدل الواحد أيضا، و وجهه معلوم ممّا مرّ.
الباب الخامس : في بيان اصطلاح المتأخّرين من أصحابنا في تقسيم الخبر باعتبار اختلاف راويه إلى الأقسام الأربعة المشهورة، و هي: الصحيح و الحسن و الموثّق و الضعيف
قال في الذكرى:
الصحيح: ما اتّصلت روايته إلى المعصوم عليه السلام بعدل إمامي. و الحسن: ما رواه الممدوح من غير نصّ على عدالته. و الموثّق: ما رواه من نصّ على توثيقه مع فساد عقيدته، و يسمّى القوي. ۱
و أورد الشهيد الثاني رحمه الله على تعريف الصحيح أنّ إطلاق الاتّصال بالعدل يتناول الحاصل في بعض الطبقات، و ليس بصحيح قطعا، و على تعريف الحسن و الموثّق أنّهما يشملان ما يكون في طريقه راوٍ واحد بأحد الوصفين مع ضعف الباقي.
فزاد في التعريفات الثلاثة قيودا اُخرى ليسلم ما أورد عليها، فعرّف في بداية الدراية