نزهة الأنظار في مشايخ الإجازة إلي أئمة الأطهار عليهم ‏السلام - صفحه 500

فخر الدين أبي طالب محمد ، عن أبيه الإمام آية اللّه العلّامة الحلّي ، عن خاله الإمام المحقّق الحلّي ، عن السيّد فخّار بن معد الحسيني ، عن الفقيه محمد بن إدريس الحلّي ، عن المفيد الثاني أبي علي الحسن ، عن أبيه الإمام شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي ، عن شيخ الاُمّة المفيد أبي عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان ، عن شيخه الفقيه الأجل أبي القاسم ابن قولويه صاحب الكامل ، عن الشيخ الإمام ثقة الإسلام أبي جعفر محمد ابن يعقوب الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد ابن خالد ، عن أبي البختري ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، وذلك أنّ الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه ، فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغافلين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، انتهى .
ليس المراد أنّهم لا يورثون ما بأيديهم كما يحسبه الذين في قلوبهم زيغ ، بل أنّهم بما هم عيه من الزهد و الإعراض عن الدنيا و حطامها و زبارجها ، و بما هم عليه من مقام التعليم والإرشاد بالأقوال والأعمال لا يخلّفون مالاً ولا يبقون ما بأيديهم لما بعدهم إيثار له على الإنفاق في سبيله سبحانه حتّى يرثهم الوارث ، وهذا لا ينافي إيراثهم الطائف التي بأيديهم من ضروريات الحياة من مساكن وملابس ومراكب إلى أضرابها ، أو ما أفاء اللّه عليهم من منائح ونحل حسب المصالح الوقتية ، أو ما اُتيحت لبعضهم من ثروة طائلة؛ كيف وآيات المواريث مطلقة ولا مقيّد لها ، ولو وجد هناك مقيّد من سنة فأصر به أن يضرب عرض الحائط لمخالفته القرآن، ففيه نصّ بإرث يحيى وسليمان .
فالخلاصة من مفاد الحديث أنّ الأنبياء بلحاظ ما تحلّوا به من السفارة الإلهية لا يناسبهم إلّا أن يؤثر عنهم العلوم والمعارف الإلهية والأخلاق الفاضلة والاجتماعيات الصحيحة والمدنيات الناجعة والحضارة الراقية والإصلاحات المهذّبة ، لا المال التي يتكالب عليه أبناء الدنيا وإن ملكوه عفوا في بعض الأحيان لمصالح تقتضيها الظروف عائدة إلى شيء ممّا ذكر ، فليس في الحديث أيّ دلالة على ما اختلقوه من إفك في مواريث الأنبياء خلافا منهم للّه ولرسوله صلى الله عليه و آله .

صفحه از 512