211
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

اُخرى : كفّ النفس عن الإتيان بغير المعلوم قولاً أو فعلاً ؛ مأخوذ من الحَكَمة بفتحتين ، وهي الحديدة في فم الدابّة من اللجام لتمنعها عن الحركات الغير المرضيّة ، وهو مفعول ثان قدّم للاهتمام . ومعنى إيتاء الحكمة التوفيق لها .
«مَنْ يَشاءُ» ؛ مفعول أوّل اُخّر .
«وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرا كَثِيرا وَما يَذَّكَّرُ» : وما يتنبّه للفرق بين مَن اُوتي الحكمة ومن لم يؤتَ في الخير الكثير وانتفائه «إِلّا أُولُوا الْألْبَابِ»۱ ) أي هم المتفطّنون بذلك الفرق ، حيث لا يجوّزون لمصلحة من المصالح تقديم غير أهل العلم بجميع الأحكام ومتشابهات القرآن عليهم في الخلافة .
(وَقَالَ) في سورة آل عمران :
( «وَالرّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ» . مبتدأ ، والمراد بهم أئمّة الهدى ، كما يجيء في «كتاب الحجّة» في آخر «باب أنّ الراسخين في العلم هم الأئمّة صلوات اللّه عليهم» وفي رابع عشر «باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية» .
«يَقُولُونَ» . خبر . «آمَنَّا بِهِ» أي بأنّه ما يعلم تأويله إلّا اللّه ، فهو من غيبه الذي لا يعلمه إلّا هو .
«كُلٌّ» . استئناف بياني ، أي كلّ ما عندنا من تأويل ما تشابه «مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا» لا نعرف شيئا منه إلّا بتوسّط رسوله .
«وَمَا يَذَّكَّرُ» : ما يتنبّه للفرق بين تأويل الراسخين وتأويل متبوعي الزائغين .
«إِلَا أُولُوا الْألْبَابِ»۲ ) . هم شيعة أهل البيت عليهم السلام ، وقد مضى في أوّل الحديث في شرح قوله تعالى في سورة الزمر : «فَبَشِّرْ عِبَادِ»۳ الآيةَ الدليلُ الذي يوضح هذا .
(وَقَالَ) في سورة آل عمران :
( «إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِى الْألْبَابِ»۴
) ؛ حيث

1.آل عمران (۳) : ۷ .

2.البقرة (۲) : ۲۶۹ .

3.الزمر (۳۹) : ۱۷ .

4.آل عمران (۳) : ۱۹۰ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
210

(وَقَالَ) في سورة المائدة :
( «وَأكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ»۱ ) . ظاهر ذكره هنا أنّ المراد بضمير«هم» الناس ، ويدلّ عليه قوله : «مَا جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ»۲ إلى آخره ، فإنّه يدلّ على اشتهار البدع بين الناس ، ولا يمكن أن يكون المرجع «الذين كفروا» في قوله : «وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ» فإنّهم جميعا غير عقلاء .
(وَقَالَ : وَأكْثَرُهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ؛ كذا في النسخ ، وكأنّه نقل ما في سورة المؤمنين ۳ «بل لا يشعرون» بالمعنى للإشارة إلى أنّ المرادَ بالضمير في قوله : «فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرا»۴ وفي قوله : «لَا يَشْعُرُونَ» ، أكثرُ من بُعِثَ الرسلُ إليهم ، فإنّ الاختلاف بالاجتهاد في أحكام الشرع ووضع الزبر أي الكتب ، لبيان المسائل الاجتهاديّة على مذاهب المجتهدين ـ بعدما أمر كلّ رسول بأن تكون أحكام شريعته واحدة بين قومه بحيث لا يجري فيها اختلاف في الفتوى ـ لم يصدر عن جميع من بعث الرسل إليهم ، بل صدر عن أكثرهم ، وكذا انتفاءُ الشعور بما في الاختلاف من الوبال ، وبما في خذلان اللّه تعالى المختلفين بأن أمدّهم في الاختلاف بأموالٍ وبنين من الاستدراج وصفٌ لأكثرهم لا جميعهم .
(يَا هِشَامُ ، ثُمَّ ذَكَرَ أُولِي الْأَلْبَابِ) . هذا من النوع الأوّل ، أي العقلاء ، وهم في هذه الاُمّة شيعة أهل البيت المعصومين عليهم السلام .
(بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ ، وَحَلَاهُمْ) ؛ بالمهملة وشدّ اللام ، أي وصفهم بالجميل .
(بِأَحْسَنِ الْحِلْيَةِ) ؛ بكسر المهملة وسكون اللام ، وهي في الأصل ما يزيّن به من مصوغ المعدنيات ونحوه ، والمراد بها هنا الصفة الجميلة .
(فَقَالَ) في سورة البقرة :
( «يُؤْتِى الْحِكْمَةَ» ؛ أي كفّ النفس عن التأدية بغير علم ويقين وبصيرة . وبعبارة

1.المائدة (۵) : ۱۰۳ .

2.المؤمنون (۲۳) : ۵۶ .

3.المؤمنون (۲۳) : ۵۳ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 128110
صفحه از 602
پرینت  ارسال به