الثاني بواسطة الأوّل ، والثالث بواسطتين ، والرابع بثلاث وسائط؛ لأنّ تبيين الكتاب لا يحصل إلّا بالمعاني المفصّلة المفسّرة، وتلك المعاني لا تحصل إلّا بالشريعة وطريق الأحاديث، ولاتحصل هذه لنا إلّا بإطاعتهم في دعوى النبوّة والإمامة والاعتقاد لأحاديثهم، ولاتحصل الإطاعة إلّا بالاُمور الظاهرة والآيات الدالّة عليها، كالمعجزات وثبوت النبوّة والحجج التي كشفها اللّه تعالى للخلق وأعلنها على لسان نبيّه صلى الله عليه و آله في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وباقي الأئمّة صلوات اللّه عليهم كما في غدير خمّ ، ۱ وغير ذلك من النصوص الجليّة والآيات القويّة . ۲
قوله : (فيها دلالة على النجاة): في تلك الاُمور دلالة على النجاة يعني الاعتقاد لأهل البيت عليهم السلام وحبّهم والإطاعة لهم، فإنّ فيها نجاة الدارين وسعادة النشأتين .
قوله : (معالم) ؛ جمع معلَم، وهو ما في الطرق من العلامة الدالّة على الحقّ .
قوله : (إلى هداه) أي هدى اللّه تعالى .
قوله : (صدع): أظهر.
1.حديث الغدير أخرجه أكابر علماء المذاهب ـ قديما و حديثا ـ في كتبهم من الصحاح، والسنن، والمسانيد، والتفاسير، والسير، والتواريخ واللغة وغيرها لا يمكننا حصره هنا، وقد استوفى طرقه ابن عقدة في كتاب الولاية، فأنهاه إلى مئة و خمسة طُرق عن أكثر من سبعين صحابيّا، وجمع الطبري في كتابٍ له في مجلّدين ضخمين، قال ابن كثير في البداية والنهاية، ج ۱۰، ص ۵۶ (سنة ۳۱۱): «وقد رأيت له كتابا جمع فيه أحاديث غدير خمّ في مجلّدين ضخمين، وكتابا جمع فيه طريق حديث الطير». ونقل في ينابيع المودّة، ج ۱، ص ۱۱۳، رقم ۳۶ وإحقاق الحق، ج ۲، ص ۴۸۶ ـ ۴۸۷، والغدير، ج۱، ص ۱۵۸، عن أبي المعالي الجوينى أنّه كان يقول متعجّبا: إنّي شاهدت ببغداد مجلّدا في يد صحّافٍ مكتوب عليه: المجلّدة الثامنة والعشرون من طُرُق: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ويتلوه المجلّد التاسع والعشرون. و أثبت الشيخ ابن الجزري الشافعي في رسالته الموسومة ب : أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب، ص ۴۸، تواتر حديث الغدير من طرق كثيرة ونسب منكره إلى الجهل والعصبيّة، ورواه المحدّث البحراني في كتابه: غاية المرام، ج ۲، ص ۲۶۷ ـ ۳۴۴، بتسعة وثمانين طريقا من طرق العامّة، وثلاثة وأربعين طريقا من طرق الخاصّة، ثمّ قال: «قد تجاوز الحديث حدّ التواتر، فلا يوجد خبر قطّ نُقل من طُرِقٍ بقدر هذه الطرق».
2.انظر على سبيل المثال: سنن ابن ماجة، ج ۱، ص ۴۵، ح ۱۲۱؛ سنن الترمذي، ج ۵، ص ۲۹۷، ح ۳۷۹۷؛ مسند أحمد، ج ۱، ص ۸۴ و ۸۸ و ۱۱۸ و ۱۱۹ و ۱۵۲، و ج ۴، ص ۳۶۸ و ۳۷۰، و ج ۵، ص ۴۱۹؛ مناقب ابن شهر آشوب، ج ۳، ص ۲۵ في قصّة يوم الغدير؛ بحار الأنوار، ج ۳۷، ص ۱۵۷؛ إحقاق الحق، ج ۲، ص ۴۸۵.