فتح الباب لمغلقات هذا الكتاب - صفحه 64

والاُولى: مبدأ التأثّر من المبادئ العالية لفيضان الصور العلميّة ، والاُخرى : مبدأ تحريك البدن في الإعمال بالفكر والرويّة .
والعقل الكسبي هو كمال يحصل للعقل الفطري بسبب استفاضة العلوم وملاحظة حسن الاُمور وقبحها، والعمل بالحسنات وترك القبائح ، فيحصل له بالنظر إلى الشعبة الاُولى الحكمة ، وبالنظر إلى الشعبة الثانية العدالة .
وقد يُطلق العقل على معناه المصدري، أي التعقّل والتفكّر ، وعلى الجوهر المجرّدة التي أثبتها الحكماء، وهو أوّل ما صدر عنه تعالى بزعمهم .
والمراد في هذا الحديث العقل الفطري الأوّلي .
والمراد بالجهل القوّة الحاصلة، وهي الوهم، ويتبعه القوّة المحرِّكة؛ ولها شعبتان :
الاُولى : القوّة الشهويّة ، وهي مبدأ جلب ما يلائمها، ويُقال لها: النفس البهيميّة والأمّارة .
والثانية : القوّة الغضبيّة ، وهي مبدأ دفع ما لا يلائمها، ويُقال لها: النفس السبعيّة واللوّامة .
فمعنى الحديث : لمّا خلق اللّه عقل الإنسان استنطقه، أي طلب منه النطق ليصير الإنسان ناطقا مدركا ممتازا عن سائر الحيوانات، ويبدو فضله وشرفه باعتبار قابليّته لذلك ؛ إذ بتلك القابليّة يحصل له المزيّة والفضيلة على ملائكة السماوات؛ لخلوّها عن قوّة الإدبار والشهوات .
ولايخفى مناسبة هذا الوجه الوجيه لقوله : «إيّاك اُعاقب وإيّاك اُثيب» .
قوله : (ثمّ قال له : أقبل فأقبل ، ثمّ قال له : أدبر فأدبر ). [ح 1] قيل : المراد بالإقبال الأمر بالحسنات ، وبالإدبار النهي عن السيّئات . ۱
وهذا المعنى غير جيّد؛ لأنّ ذكر الأمر والنهي بعد ذلك ـ حيث قال : وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحبُّ إليَّ منك، ولا أكملتك إلّا فيمن اُحبّ ، أما إنّي إيّاك آمر وإيّاك أنهى؛ تأكيدا للأوّل ـ تكلّف .

1.قال به المولى محمّد صالح المازندراني، في شرح اُصول الكافي، ج ۱، ص ۶۹.

صفحه از 90