فتح الباب لمغلقات هذا الكتاب - صفحه 81

قوله : (وضدّه نبذ الميثاق) . [ح 14] النبذ مصدر نبذ ينبذ ، تقول : نبذت الشيء: إذا ألقيته من يدك . والميثاق ـ بقلب الواو ياءً ـ : العهد . والمعنى ترك ما أخذ اللّه على عباده من الميثاق لمّا أخذ من ظهورهم ذرّيّتهم .
ويجيء في كتاب الحجّ رواية محمّد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمّد، عن موسى بن عمر، عن ابن سنان، عن أبي سعيد القمّاط، عن بكير بن أعين قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام : لأيّ علّةٍ وضع اللّه الحجر في الركن الذي هو فيه، ولم يوضع في غيره ؟ ولأيّ علّةٍ يقبّل ؟ ولأيّ علّة اُخرجت من الجنّة ؟ ولأيّ علّة وضع ميثاق العباد والعهد فيه، ولم يوضع في غيره ؟ وكيف السبب في ذلك؟ تخبرني جعلني اللّه فداك؛ فإنّ تفكّري فيه لعجبٌ ؟
قال فقال عليه السلام : «سألتَ وأعضلتَ في المسألة واستقصيتَ، فافهم الجواب، وفرّغ قلبك، وأصغِ سمعكَ اُخبْرك إن شاء اللّه تعالى :
إنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ وضع الحجر الأسود وهي جوهرة اُخرجت من الجنّة إلى آدم عليه السلام ، فوضعت في ذلك الركن لعلّة الميثاق، وذلك أنّه لمّا أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم حين أخذ اللّه عليهم الميثاق في ذلك المكان، وفي ذلك المكان تراآ لهم ۱ ، ومن ذلك يهبط الطير على القائم عليه السلام ، فأوّل من يبايعه ذلك الطائر، وهو واللّه جبرئيل عليه السلام ، وإلى ذلك المقام يسند القائم ظهره وهو الحجّة والدليل على القائم عليه السلام ، وهو الشاهد لمن وافى في ذلك المكان، والشاهد على مَنْ أدّى إليه الميثاق والعهد الذي أخذ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ على العباد .
فأمّا القُبلة والتماسُّ، فلعلّة العهد تجديدا لذلك العهد والميثاق، وتجديدا للبيعة ليؤدّوا إليه العهد الذي أخذ اللّه عليهم في الميثاق، فيأتوه في كلّ سنة، ويؤدّوه إليه ذلك العهد والأمانة التي أخذ عليهم ، ألا ترى أنّك تقول : أمانتي أدّيتها، وميثاقي تعاهدته

1.قوله : ترأىّ لهم، أي تجلّى لهم لرأوه . وفي القاموس : تراءّه لهم وترايا لهم أي تصدّى للإراءة . (منه رحمه الله) وانظر: القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۳۱ (رأي) .

صفحه از 90