جواب شبهة الشيخ إبراهيم حسنا على رواية التثليث/جواب الجواب - صفحه 111

وأمّا جوابه ـ سلّمه اللّه ـ أنّ عموم الأنواع ينتهي إلى عموم الأجناس ، فغير موافق للسؤال ؛ لأنّ السائل أراد أنّ عموم الشبهة يمكن أن تكون من قبيل عموم النوع في أفراده ، لا عموم الجنس في أنواعه ، والأوّل لا يستلزم الثاني ، فكيف ينتهي إليه ويعتمد عليه؟ إذ مع التنزّل وتسليم عدم حقيقتها الشرعيّة التي مرَّ ذكرها فيها أن يراد بالشبهة عموم نوع من أنواعها ممّا يتحقّق عند تعارض الأحكام كما يقتضيه مقتضى المقام ، وذلك العموم لا يستلزم عموم جميع أنواعه المندرجة تحت الشبهة اللغويّة على قوله .
فحينئذٍ لا يتمّ الاستدلال ؛ لقيام الاحتمال .
وأمّا استدلاله أيّده اللّه بقوله عليه السلام : «إذا ابتليتم بمثل هذا فلم تعلموا ، فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه لتعلموا» أنّ كلّ مجهول الحكم شبهة .
فليت شعري كيف يدلّ هذا الخبر على ذلك المدّعى ، مع أنّه لا دلالة على ذلك بأحد الدلالات ، ولا يفهم منه ما أفاد ولو بنوع من الشبهات ؛ لأنّه لا يدلّ بمنطوقه ومفهومه إلّا على أنّه إذا جهلتم المسائل الشرعيّة الواردة من الشرع وسئلتم عنها ولم تعلموها ، فعليكم الاحتياط في العمل حتّى تسألوا عنها وتعلموها ، ولا يجوز لكم حينئذٍ أن تفتوا بها وتجيبوا عنها ؛ لجهلهكم ونسيانكم إيّاها و شككتم فيها . وهذا ممّا لا نزاع فيه ، ومعا نقول به ، ومتّفق عليه بين العلماء المتقدِّمين والمتأخّرين أنّ المكلّف إذا لم يعلم المسائل الشرعيّة أو أحكام الدِّين لا يجوز له أن يعمل ويفتي بجهله وشكّه ونسيانه .
ومحلّ النزاع الأمر المسكوت عنه وما لا نصّ فيه ، لا المسائل الشرعيّة الواردة المجهولة .
وعلى ذلك لا دلالة في هذا الخبر على أنّ كلّ ما لا نصّ فيه ومجهول الحكم ممّا سكت اللّه عنه كان شبهة ، وإطلاق الشبهة عليه منصوص ، وهذا من غير مدّعى السائل لا استفسار الاحتياط عند جهل المسائل .
نعم ، أفاد الخبر بأنّه إذا كان كذلك كان الحكم مجهولاً لا شبهة ، لكنّه لا ينعكس كلّيّا ؛ لكونها موجبة ، فلا يفيد أنّ كلّ مجهول الحكم شبهة ، وهذا ممّا لا شبهة فيه أيضاً .

صفحه از 113