ومنها قوله عليه السلام : «ماحجب عن العباد ، فهو موضوع عنهم» . ۱
ومنها قوله عليه السلام : «إنّ اللّه تعالى حدَّ حدوداً فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تنقصوها وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسياناً لها ، فلا تكلّفوها رحمةً من اللّه لكم » الخ . ۲
وهذا الحديث من حيث ذكر الشبهات في آخره يستلزم أن يكون الشبهة غير ما سكت اللّه عنه ، وغير ما لا نصّ فيه ، وإلّا لزم التناقض في الكلام ، ومن جوّز هذا في كلام الإمام عليه السلام وبّخه الخاصّ والعامّ .
ومرجع القول أنّ خبر التثليث ـ كما ظهر من هذا الحديث ـ جار فيما لم يسكت اللّه عنه ، وأمّا ما سكت اللّه عنه فهو مباح ورحمة من اللّه لنا ، وخارج عن مجرى هذا الحصر .
ولهذا المدّعى دلائل كثيرة ، فمَن نظر وتفكّر في الأخبار المرويّة عن أئمّتنا الأخيار ـ سلام اللّه عليهم ـ وجد روايات ظاهرةً ، وبيانات باهرة ، ودلالات واضحة ، وهدايات لائحة ، وتصريحات كافية ، وتلويحات شافية ، وإشارات عديدة ، وأمارات سديدة تدلّ [على] أنّ كلّ ما لا نصّ فيه مباح من غير شبهة. ومنه علم أنّ الشبهة لها محلّ آخر غير ما لا نصّ فيه .
وبالجملة ، تلك الأخبار المستفيضة وما في معناها ممّا لم نذكرها كما تدلّ بالمطابقة على إباحة ما لا نصّ فيه ، تدلّ بالاستلزام على أنّ كلّ ما نصّ فيه ليس بشبهة ، ولا شبهة فيه ، وباعتبار عمومها في الإباحة وشمولها ما لا نصّ فيه ما يبقى شيء لا نصّ فيه حتّى يبتلى قوم بالشبهة فيه ، ويقولوا بإطلاق الشبهة على ما لا نصّ فيه .
وعلى ما حرّرنا وتلونا عليك جمعت الأخبار على أحسن وجه ، فانظروا اُولي الأبصار.
1.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۶۴ ، باب حجج اللّه على خلقه ، ح ۳ ؛ التوحيد ، ص ۴۱۳ ، ح ۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۶۳ ، ح ۳۳۴۹۶.
2.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۷۵ ، ح ۵۱۴۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۷۵ ، ح ۳۳۵۳۱.