المقتدرُ القادرُ ، السلامُ المؤمنُ المهيمنُ ، البارئ المنشئ البديع ، الرفيع الجليل الكريم الرزّاق ، المُحيي المميتُ ، الباعثُ الوارثُ ؛ فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتّى تتمّ ثلاثمائة وستّين اسما ، فهي نسبةٌ لهذه الأسماء الثلاثة ، وهذه الأسماء الثلاثة أركانٌ ، وحَجَبَ الاسمَ الواحدَ المكنونَ المخزونَ بهذه الأسماء الثلاثة ، وذلك قوله : «قُلْ ادْعُوا اللّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى»۱ . ۲
فأقول ـ وباللّه التوفيق وبه الاستعانة على كلّ ما نطلبه من التحقيق ـ :
إنّ هذا الحديث من متشابهات الأخبار ، ودقائق الغوامض ، وغوامض الأسرار التي لايعلم تأويلها إلّا اللّه والراسخون في العلم ، وهم آل بيت محمّد أصحاب العصمة وسادات الاُمّة صلوات اللّه عليهم ، والسكوت عن تفسيره والاعتراف بالعجز عن تنقيره كشف ضميره أحسن وأولى وأحوط وأحرى ، كما قاله مولانا العلّامة المجلسي ضاعف اللّه إكرامه، ۳ وشيخنا أيضا أمدَّ اللّه أيّامه ، لكن حيث إنّ جمعا من مشايخنا الأعاظم من فضلاء الأعاجم تصدّوا لكشف حجابه ورفع نقابه وقرأته على شيخنا ـ الذي ما سنح الزمان بمثله وبذل وسع طاقته في حلّه ـ ، أردت أن أكتب له ما استفدت واُحيطه علما بما عليه وقفت ، وإن كان كلّ منهم لم يفتح بابه ولم يذلّل صعابه ، لكن ربّما قرّبوا منه البعيد وسهّلوا الصعب الشديد .
وعلى كلّ حال فإنّما هو على طريق الاحتمال ، وإلّا فمراد المعصوم عليه السلام أمرٌ لا تبلغ إليه الأفهام .
وقبل الشروع في المقصود لابدّ من تمهيد مقدّمة تحتوي على فصول ، واللّه الثقة والمأمول .
إنّ في أخبار أهل البيت عليهم السلام محكما ومتشابها ، وعامّا ، وخاصّا، وظاهرا وباطنا ، قال
1.الإسراء (۱۷) : ۱۱۰ .
2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۱۲ ، باب حدوث الأسماء ، ح ۱ ؛ التوحيد ، ص۱۹۰ ، الباب ۲۹ ، ح ۳.
3.مرآة العقول ، ج ۲ ، ص ۲۴ ؛ بحارالأنوار ، ج۴ ، ص ۱۶۶.