كوه و كُتَلِ راه علم و عمل (امريه) - صفحه 460

الوافي بعد از ذكر آن دو معنى و ردّ هر دو گفته :
فإن قيل : فما معنى الحديث؟ إذن فنقول ومن اللّه التائيد : كما أنّ لكلّ شيء ماهية هو بها هو وهى وجهه الّذي إلى ذاته ، كذلك لكلّ شيء حقيقة محيطة به ، بها قوام ذاته ، وبها ظهور آثاره وصفاته ، وبها حوّله عمّا يرديه ويضره ، قُوّته على ما ينفعه ويسرّه ، وهي وجهه الذي إلى اللّه سبحانه ، وإليهما اُشير بقوله عزّوجل : «كانَ وَاللّه بِكُلِّ شَىْ ءٍ مُّحِيطًا» وبقوله سبحانه : «وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ» وبقوله تعالى : «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» وبقوله عزّ اسمه : «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَ لَـكِن لَا تُبْصِرُونَ» و بقوله : «كُلُّ شَىْ ءٍ هَالِكٌ إِلَا وَجْهَهُ» ؛ فإنّ تلك الحقيقة هي التي تبقى بعد فناء الأشياء.
فقوله عليه السلام : «اعرفوا اللّه باللّه » معناه : اُنظروا في الأشياء إلى وجوهها التي إلى اللّه سبحانه بعد ما أثبتم أنّ لها ربّا صانعا ، فاطلبوا معرفته بآثاره فيها من حيث تدبيره لها ، وقيّوميّته إيّاها ، وتسخيره لها ، وإحاطته بها ، وقهره عليها ، حتّى يعرفوا اللّه بهذه الصفات القائمة به ، ولا تنظروا إلى وجوهها التي إلى أنفسها ، أعني من حيث إنّها أشياء لها مهيّات لا يمكن أن يوجد بذواتها ، بل مفتقرة إلى موجد يوجدها ؛ فإنّكم إذا نظرتم إليها من هذه الجهات تكونوا قد عرفتم اللّه بالأشياء ، فلن تعرفوه إذن حقّ المعرفة ؛ فإنّ معرفة مجرّد كون الشيء مفتقر إليه في وجود الأشياء ليست بمعرفة في الحقيقة ، على أنّ ذلك غير محتاج إليه ؛ لما عرفت أنّها فطريّة بخلاف النظر الأوّل ؛ فإنّكم تنظرون في الأشياء أوّلاً إلى اللّه ـ عزّوجلّ ـ وآثاره من حيث هي آثاره ، ثمّ إلى الأشياء وافتقارها في أنفسها ؛ فإنّا إذا عزمنا على أمر مثلاً وسعينا في إمضائه غاية السعي ، فلم يكن علمنا أنّ في الوجود شيئا غير مرئيّ الذات يمنعنا عن ذلك ، ويحول بيننا وبين ذلك ، وعلمنا أنّه غالب على أمره ، وأنّه مسخّر للأشياء على حسب مشيّته ، ومدبّر لها بحسب إرادته ، وأنّه منزّه عن صفات أمثالنا ، وهذه صفات بها يعرف صاحبها حقّ المعرفة ، فإذا عرفنا اللّه ـ عزّوجل ـ بهذا النظر ، فقد عرفنا اللّه باللّه ، وإلى مثل هذه المعرفة اُشير في غير موضع عن القرآن المجيد بالآيات حيث قيل : «إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَ تِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَأَيَاتٍ لِّأُولِى الْأَلْبَابِ» وأمثال ذلك من نظائره. ۱

1.الوافي ، ج ۱ ، ص ۳۳۸ ـ ۳۴۰.

صفحه از 536