شرح ثلاثة أحاديث - صفحه 634

الثانية؛ لاشتهاره بين أهل الكتاب أو المحدِّثين من العامّة بما رووا عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: «إنّ أباكم كان طوالاً كالنخلة السحوق ستّين ذراعا» ۱ فمع صحّتها يعلم بانضمام ما ذكرنا أنّه كان طول قامته عليه السلام أوّلاً ألفا ومأتي ذراع بذراع من كان في زمن الرسول صلى الله عليه و آله ، أو بذراع من كان في زمن آدم من أولاده عليه السلام .
الثامن: ما خطر ببالي أيضا لكن وجدته بعد ذلك منسوبا إلى بعض الأفاضل من مشايخنا رحمهم اللّه تعالى، وهو أنّ الباء في قوله: «بذراعه»، للملابسة، أي صيّر طوله سبعين ذراعا بملابسة ذراعه، أي قصّر ذراعه أيضا بنسبة قصر قامته لتناسب أعضاءه، وإنّما خصّ ذراعه بالذِّكر من بين سائر الأعضاء لأنّ جميع الأعضاء داخلة في الطول بخلاف الذراع، والمراد حينئذٍ بالذراع في قوله: «سبعين ذراعا» إمّا ذراع من كان في زمان آدم عليه السلام ، أو مَن كان في زمانٍ صدر عنه الخبر.
وهذا وجه قريب.
التاسع: أن يكون الضمير في قوله: «بذراعه» راجعا إلى جبرئيل عليه السلام ، أي بذراعه عند تصوّره بصورة رجل ليغمزه.
ولا يخفى بُعده من وجهين:
أحدهما: عدم انطباقه على ما روي في الكافي؛ إذ الظاهر أنّ صيّر هنا بصيغة الأمر، فكان الظاهر على هذا التوجيه أن يكون «بذراعك»، ويمكن توجيهه إذا قرئ بصيغة الماضي بتكلّف تامّ.
وثانيهما: عدم جريانه في أمر حوّاء لتأنيث الضمير إلّا أن يتكلّف بإرجاع الضمير إلى اليد. ولا يخفى ركاكته.
ثمّ اعلم أنّ الغمز يمكن أن يكون باندماج الأعضاء وتكاثفها، أو بالزيادة في العرض، أو بتحلّل بعض الأجزاء بأمره تعالى، أو بالجميع؛ واللّه تعالى يعلم وحججه عليهم السلام .

1.كنزالعمّال، ج ۱۵، ص ۶۰۶، ح ۴۲۴۰۸.

صفحه از 644