شرح ثلاثة أحاديث - صفحه 640

الكاملة، والنفس إذا استكملت ناسبت نوريّتها نور تلك الأنوار، فاستحقّت الاتّصال بها والاستفادة منها، فالمراد بجعله في نور يحجب جعله في نور العلم حتّى يناسب جوهر ذاته جوهر ذاتهم، فتستبين له ما في ذواتهم.
أقول: يحتمل أن يكون المراد بهما أجساماً لطيفة مثل العرش والكرسيّ يسكنها الملائكة الروحانيّون كما يظهر من كثير من الأخبار والدعوات، فالمراد أنّه أفاض عليه صلى الله عليه و آله شبه نور الحجب ليتمكّن من رؤيتها كنور الشمس بالنسبة إلى عالمنا.
أو المراد بالحجب الوجوه التي يمكن الوصول إليها في معرفة ذاته وصفاته تعالى؛ إذ لا سبيل إلى الكنه أي مقامات العارفين، فالمراد بنور الحجب قابليّة تلك الكمالات والمعارف. وتسميتها بالحجب لأنّها وسائط بين الخلق والربّ، أو لأنّها موانع عن أن يسند إلى الذات ما لا يليق به تعالى، أو لأنّها لمّا لم تكن موصلة إلى الذات فكأنّها حجب، كما أنّ الناظر خلف الستر والحجاب لا يستبين له حقيقة الشيء كما هي، وأمّا ألوان الأنوار فيمكن حملها على الظاهر كما لا يخفى.
وقيل: المراد بها الأنوار المعنويّة، وألوانها إشارة إلى تفاوت مراتب تلك الأنوار بحسب القرب والبُعد من نور الأنوار.
فالنور الأبيض هو الأقرب، والأخضر هو الأبعد، فكأنّه ممتزج بضرب من الظلمة، والأحمر هو المتوسّط بينهما، ثمّ ما بين كلّ اثنين ألوان اُخر كألوان الصبح والشفق المختلفة في الألوان؛ لقربها وبُعدها من نور الشمس.
وقيل: المراد بها صفاته تعالى؛ فالأخضر قدرته على إيجاد الممكنات وإفاضة الأرواح التي هي عيون الحياة ومنابع الخضرة، والأحمر غضبه وقهره على الجميع بالإعدام والتعذيب، والأبيض رحمته ولطفه على عباده كما قال اللّه تعالى: «وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ...»۱ .
وأحسن ما سمعته في هذا المقام ما استفدته من الوالد العلّامة ـ رفع اللّه مقامه ـ وهو

1.آل عمران (۳): ۱۰۷.

صفحه از 644