شرح ثلاثة أحاديث - صفحه 641

ممّا ظهر له من أنوار الكشف واليقين عند طيّ مقامات السالكين، فأذكر منه على الإجمال ما يناسب فهم أواسط الرجال:
اعلم أنّ لكلّ شيء شبهاً ومثالاً في عالم الرؤيا وفي عالم الكشف والعيان، تظهر تلك الصور والمُثل على النفوس بحسب اختلاف مراتبها في الكمال؛ فبعض النفوس تظهر لها صورة أقرب إلى ذي الصورة، وبعضها أبعد، وشأن المعبّر أن ينتقل من تلك الصور إلى ذويها؛ فالنور الأصفر كناية عن العبادة ونورها كما هو المجرّب في الرؤيا، إذا رأى العارف الصفرة في المنام يوفّق لعبادة، وكما هو المشاهد في حياة المتهجّدين، وقد ورد في الخبر في شأنهم أنّ اللّه ألبسهم من نوره لمّا خلوا به.
والنور الأبيض العلم، كما هو المجرّب من أنّ من رأى في الأحلام لبناً أو ماءً صافياً يتيسّر له علم نافع خالص عن الشكوك والشُّبه، وقد دلَّ الخبر الثاني عليه على أقرب احتماليه.
والنور الأحمر المحبّة كما هو المشاهد في وجوه المحبّين عند طغيان المحبّة، وكما في المنام أيضاً.
والنور الأخضر المعرفة، كما هو مجرّب في الرؤيا، وهو المناسب للخبر الأوّل؛ لأنّه صلى الله عليه و آله كان في مقام كمال العرفان رجلاه في النور الأخضر، وكان ثابتاً في مقام المعرفة، خائضاً في بحارها.
وعلى تقدير كون مرادهم عليهم السلام تلك المعاني التي عبّروا عنها بتلك العبارات؛ لقصور أفهامنا عن فهم صِرف الحقّ كما تعرض على النفوس الناقصة في الرؤيا هذه الصورة؛ لأنّا في نوم طويل في الغفلة عن الحقائق، والناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا ۱ . ولقد أشبعنا القول في تحقيق الخبرين في الفوائد الطريفة في شرح الصحيفة، وفي مرآة العقول شرح الكافي؛ واللّه تعالى يعلم وحججه غوامض أسرارهم عليهم السلام .

1.خصائص الأئمة، ص ۱۱۲؛ مجموعة ورام، ج ۱، ص ۱۵۰؛ عوالي اللآلي، ۴، ص ۷۳، ح ۴۸؛ بحارالأنوار، ج ۴، ص ۴۳.

صفحه از 644