شرح ثلاثة أحاديث - صفحه 642

فائدة جليلة
في ذكر علّة لزوم الصلاة على النبيّ وآله صلى الله عليه و آله قبل الدُّعاء، وكونها داعية للإجابة، موجبةً لها، وفيه وجوه :
الأوّل: إنّ من كانت له حاجة إلى سلطان لابدّ من أن يتحف ويهدي إلى المقرّبين لديه والمكرّمين عليه تحفاً وهدايا ليشفعوا له، بل لو لم يشفعوا أيضاً، وعلم السلطان ذلك يقضي حاجته لذلك.
الثاني: أنّ المعنيّ بإيجاد الكونين، والقابل للفيوض الفائضة من بدو الإيجاد إلى ما لا يتناهى من الأزمنة هو رسول اللّه وأهل بيته صلوات اللّه عليهم، كما دلّت عليه الأخبار المستفيضة؛ فلهم الشفاعة في هذه النشأة والنشأة الاُخرى، وبتوسّطهم يفيض كلّ فيض وجود على جميع الورى؛ إذ لا بخل في البدء الأعلى، والنقص إنّما هو عن القابل، وهم قابلون للفيوض القدسيّة، فإذا اُفيض عليهم يفيض على سائر الموجودات بالتبع، فإذا أراد أحد استجلاب رحمة اللّه تعالى يصلّي عليهم؛ لأنّ المبدأ فيّاض، والمحلّ قابل، فلا تردّ الدعوة في ذلك، وببركتهم يفيض على الداعي بل على جميع الخلق، كما إذا جاء كردي وأعرابي جاهل دنيّ على باب الملك، فأمر له ببسط الموائد ونشر الكرائم والفرائد تنسبه العقلاء إلى سخافة الرأي، بخلاف ما إذا بسط ذلك لأحد من مقرّبي حضرته، أو من يليق بذلك من غيرهم، فحضر هذا الأعرابي تلك المائدة فأكل منها، يكون مستحسناً.
الثالث: أن يُقال : إنّهم ـ صلوات اللّه عليهم ـ وسائط بيننا وبين ربّنا في إيصال الأحكام والحكم من جناب ربّنا ـ تقدّس وتعالى ـ إلينا؛ لعدم ارتباطنا بساحة جبروته، وبُعدها عن حريم ملكوته، فلابدّ من أن يكون بيننا وبينه تعالى سفراء وحُجب ذوو جهات قدسيّة، وحالات بشريّة يكون لهم بالجهات الاُولى، ارتباط بالجناب الأعلى، بها يأخذون عنه تعالى، وتكون بالجهات الثانية مناسبة للخلق يلقون إليهم ما أخذوا عن ربّهم، ولذا جعل اللّه تعالى أنبياءه ورسله ظاهراً من جنس البشر وباطناً مباينين عنهم

صفحه از 644