185
توضيح المقال في علم الّرجال

ويؤيّده جريان ما استندوا إليه في استفادة الإماميّة في استفادة الضبط وزيادة عرفتها في اللفظة السابقة ، ولذا تراهم يصحّحون السند إذا كان رجاله ممّن قيل في حقّه : ثقة ، بل الغالب في الرجال إطلاق هذه اللفظة دون «عدل» أو «عادل» .
وقد عرفت أنّ المعروف المدّعى عليه الإجماع اعتبارُ الضبط ، فعملهم مع بنائهم على اشتراط الضبط أقوى شاهدٍ على استفادة الضبط من هذه اللفظة ، إلاّ أن يقال : استفادته من الخارج صرفاً كالأصل والغلبة على ما مرّ .
لكن لايبعد أن يقال : إنّ هذا الاحتمال وإن لم يكن بعيداً في اللفظة السابقة إلاّ أنّه بعيد في المقام ؛ لظهور الوثوق بشخص لغةً وعرفاً في الائتمان والاعتماد عليه .
ففي المصباح المنير : «وثق الشيء ـ بالضمّ ـ وثاقة : قَوِي وثبت ، فهو وثيق ثابت محكم ، وأوثقتُه : جعلتُه وثيقاً ، و وثقت به أثِق بكسرهما ثقةً ووثوقاً : ائتمنته ، وهو وهي وهُمْ ثقة ؛ لأنّه مصدر . وقد يجمع في الذكور والإناث ، فيقال : ثقات ، كما قيل : عـدات» . ۱
وفي القاموس : «وثق به ـ كوَرِثَ ـ ثقة ومَوْثِقاً : ائتمنه» . ۲
قلت : وفي العرف كذلك ، مع أنّ الأصل عدم النقل ، وعلى فرضه إلى ما يقرب من المعنى اللغوي ؛ للغلبة في النقل ، وللتنافر في قولهم : «فلان ثقة كثير النسيان» ما ليس في قولهم : «فلان ثقة فطحيّ أو واقفيّ» ويقال كثيراً : «فلان نصرانيّ ثقة» ولا يقال : «ثقة كثير النسيان» .
وبالجملة ، فالظاهر الاكتفاء باللفظ المزبور في تصحيح الخبر بالاصطلاح المتأخّر إذا لم يثبت كون الرجل من غير الإماميّة .
ولكن هنا أُمور :
أحدها : أنّه هل يُعتبر كون القائل لهذا اللفظ إماميّاً كما يعتبر كونه عادلاً أم لا؟

1.. المصباح المنير ، ص ۳۶۴ ، «وثق» .

2.. القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۴۱۶ ، «وثق» .


توضيح المقال في علم الّرجال
184

بقولهم : «ثقة» في ثبوت العدالة والإمامية أو مع الضبط أيضاً ؛ لأنّ قولهم : «عدل» إمّا مثله أو أقوى .
وفي فوائد منتهى المقال : «فكما أنّ (عادل) ظاهر فيهم فكذا ثقة :» . ۱
ويؤيّده أيضاً أنّهم يَصِفون الخبر بالحَسَن إذا مُدِح رواتُه بما لايبلغ الوثاقة ، مع اعتبار الضبط والإماميّة في العمل به ، بل في مفهومه أيضاً ، وكذا في الموثّق بالنسبة إلى الضبط ، وأقوى تأييداً لاستفادة الضبط ـ بعد البناء على اعتباره ـ أنّهم قَلَّما يذكرونه [في] حقّ الرجال على ما وقفنا عليه ، فتدبّر .
ومنها : قولهم : «ثقة» فقد حكي عن جماعة من المحقّقين أنّه «إذا قال النجاشي : ثقة ، ولم يتعرّض لفساد المذهب ، فظاهره أنّه عدل إمامي ؛ لأنّ دَيْدنه التعرّض للفساد ، فعدمه ظاهرٌ في عدم ظفره ، وهو ظاهر في عدمه ؛ لبُعد وجوده مع عدم ظفره ، لشدّة بذل جهده وزيادة معرفته» . ۲
وفي الفوائد المشار إليها ـ بعد حكاية ما ذُكر ـ : «لايخفى أنّ الَروِيَّة المتعارفة المسَلَّمة أنّه إذا قال : عدل ـ النجاشيّ كان أو غيره : ثقة ، الحكم بمجرّده بكونه عدلاً إماميّاً ـ كما هو ظاهر ـ إمّا لما ذُكر ، أو لأنّ الظاهر التشيّع ، والظاهر من الشيعة حُسن العقيدة ،أو لأنّهم وجدوا أنّهم اصطلحوا ذلك في الإماميّة وإن أطلقوا على غيرهم مع القرينة ، فإنّ معنى «ثقة» عادل ثَبْتٌ ، فكما أنّ «عادل» ظاهر فيهم فكذا ثقة ، أو لأنّ المطلق ينصرف إلى الكامل أو لغير ذلك» . ۳
انتهى .
قلت : المستفاد من أخير كلامه استفادة الضبط الذي يرادف الثبت وضعاً أو استعمالاً أو إرادةً أو يقرب منه من اللفظ المزبور ، وهو الظاهر من الفصول ، ۴ بل من جملة ممّن عاصرناهم من المشايخ .

1.. منتهى المقال ، ج ۱ ، ص ۴۴ ، (المقدّمة الخامسة) .

2.. منتهى المقال ، ج ۱ ، ص ۴۳ .

3.. فوائد الوحيد البهبهانى ، ص ۱۸ .

4.. الفصول الغروية ، ص ۳۰۲ ( فصلُ تعارض الجرح و التعديل) .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67507
صفحه از 344
پرینت  ارسال به