189
توضيح المقال في علم الّرجال

وأمّا على الوجه الآخر : فلأنّ نفي مفاد أحد مداليل لفظٍ لايلازم نفي غيره ، إن هو إلاّ كعامٍّ خُصَّ أو مطلقٍ قُيِّد ، ولذا لو نفى نافٍ فقاهةَ شخص أو كلاميّته ، لم يخرج به عن ظهور قولهم : «علاّمة» في حقّه في كونه عالماً بعلمٍ آخر ممّا اصطلح لفظ «العلاّمة» فيه .
ومن هنا لو ثبت أنّ مَنْ أخبرنا بكونه صبّاغاً أو نجّاراً أو بنّاءً أو غير ذلك لايعلم بعض ما هو من صنعته من عملٍ خاصّ ، لم يكذب المخبر المذكور أصلاً ورأساً ، بل الأمر في المقام أظهر ؛ لعدم ارتباط بعض الاُمور المزبورة ببعض ، كارتباط الأعمال الخاصّة المعتبرة في كلّ صنعة من الصنائع المشار إليها .
ومن هنا لو نفى نافٍ في المثال كونه صائغاً أو نجّاراً ، لم نحكم بأنّ المنفيّ هو مجموع معرفته بالأعمال الخاصّة المتداولة في صنعته من حيث المجموع لاجميعها ، بل نحكم بنفي الجميع وأن ليس له هذه الصنعة أصلاً ، بخلاف المقام .
فلو صرّح غيره أو هو بنفسه بأنّه ليس بثقة لم نحكم بنفي كلٍّ من الاُمور المزبورة في حقّه ، بل إمّا نحكم بانتفاء أحدها لا على التعيين ، وتبقى الثمرة بينه وبين نفي الجميع فيما لو صرّح ثالث بوجود أحد الاُمور المذكورة ، فيتعارض على الأخير ، بخلاف الأوّل ، أو نحكم بانتفاء العدالة خاصّةً ، وهو الأظهر ، إمّا لأنّها لمّا كانت أظهر استفادةً من إثباتها فكذلك في نفيها ، كما هو المقرّر في غير ذلك من الألفاظ ، أو لخصوصيّة في تسليط النفي عليها ، فإنّه المتبادر من إطلاق ذلك .
ولاينافي الأوّل ما نقلناه عن أهل اللغة من ظهورها في الثبت والضبط ، ولازمه نفيه في النفي ؛ إذ العرف بخلافها في هذا الظهور .
[و] الأمر الخامس : أنّ قولهم : «ثقة في الحديث» أو «في الرواية» هل هو مثل قولهم : «ثقة» فيما مرّ أم لا؟ الظاهر أنّه كذلك في استفادة الضبط والإماميّة ، بل لعلّه بالنسبة إلى الأوّل أظهر .
وأمّا في استفادة العدالة بالمعنى الأخصّ أو الأعمّ فلا يخلو من نوع خفاء ؛ لظهور التقييد في اختصاص وثاقته بالرواية ، ولعلّ المستفاد منه كونه متحرّزاً عن الكذب ، وهو الذي نقل عن الشيخ رحمه الله كفايته في حجّيّة الخبر ، بل وزيادة اهتمامه في الرواية


توضيح المقال في علم الّرجال
188

وهو العدالة المطلقة .
وما في الفوائد المشار إليها في الإيراد على الجمع المزبور من أنّ المعدّل ادّعى كونه عادلاً في مذهبنا ، فإذا ظهر كذبه ، فالعدالة في مذهبه من أين؟ . ۱ يظهر دفعه بملاحظة ما قدّمناه في معنى العدالة ، ويأتي إن شاء اللّه تعالى في الفصل الثالث الإشارةُ إلى بعض أسباب الظنّ الشخصيّ .
والأمر الثالث : أنّه إذا كان الجرح في حقّ مَنْ قيل في حقّه : عدل ، أو ثقة ، من غير أصحابنا ، كجرح ابن فضّال لأبان برميه بالناووسيّة ، سواء كان في الاعتقاد ، كما مرّ ،أو في الجوارح ، فهل يُقبل مطلقاً ، أو لا كذلك ، أو يبنى على حصول الظنّ الشخصيّ إن كان في أحد الجانبين ، وإلاّ فالنوعيّ؟ الأظهر : الأخير ؛ لأنّه إذا كان عدلاً أخبر عن أمر ، فالقاعدة قبول قوله ، سواء أخبر عن مثل ما فيه في غيره أو غيره ، ويلاحظ بعد ذلك ما هو المقرَّر في تعارض الجرح والتعديل بالإطلاق والتقييد إذا جرح بالاعتقاد خاصّةً ، وبالتباين إذا جرح بغيره ، فدفعهم رمي ابن فضّال عن أبان إن كان لحصول الظنّ بالخلاف أو وهنه بأمرٍ آخر ، فذاك ، وإلاّ فهو كما ترى .
[و] الأمر الرابع : أنّه ۲ بعد ما مرّ من ظهور «ثقة» في العدالة والإماميّة أو مع الضبط أيضاً ، فلو أتى قائلها أو غيره ـ ممّن يقدّم قوله على قول القائل المزبور ، أو يعارض بقوله قوله ـ بما فيه نفي أحد الأمرين أو الاُمور المستظهرة من اللفظ المزبور ، فهل يبقى على ظهوره في غير المنفيّ بحيث يستند إليه في الباقي خاصّةً جمعاً بين القولين ، أم لا ، أو يفصّل بين ما ينفي الأوّل فالأخير ، أو غيره فالأوّل؟ كلٌ محتمل وإن كان الأظهر الأوّل .
أمّا على استفادة الضبط والإماميّة من الخارج : فواضح ؛ إذ ليس في نفي أحدهما ما يلازم نفي الآخر أو العدالة .

1.. منتهى المقال ، ج ۱ ، ص ۴۴ .

2.. في الأصل : «أنّ» ، و الأنسب ما أثبتناه .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67475
صفحه از 344
پرینت  ارسال به