ولمّا كان من خصائصه إسقاط المجاهيل ، بناءً على عدم تعقّل فائدة في ذكرهم ، إلاّ أنّه عسى أن يوجب جهلاً في الجهالة ويزيد في الحيرة ، فذكرتهم ـ لاجرم ـ في الحواشي كلاًّ في موضعه ، صوناً للكتاب على وضعه ، فيكون الناظر إليه على بصيرة في أمره وتعين من ذلك في بدو نظره .
وكان من خصائصه أيضاً الاشتمال على ما ذكره المولى المقدّس الأمين الكاظمي ـ أسكنه اللّه بحبوحة جنّته ـ في تميّز المشتركات ، وكان مع استقلاله من عمدة الكتب فيه ، إلاّ أنّ كثيراً من نسخ ذلك الكتاب ممّا رأيناها ليس في كثير من أواخرها ما ذكره السيّد في المشتركات وإن رأينا بعضاً منها مشتملاً عليها بتمامها .
فكأنّ الشيخ «أبو عليّ» في أوّل أمره لم يظفر على نسخة المشتركات بتمامها ، أو لم ير الاستقصاء بها ، ثمّ ظفر عليها بتمامها أو رأى الاستقصاء بها ، فألحق بالآخر ما لم يذكره منها في أوّل الأمر ، وظفرتُ أيضاً على نسخة كاملة في المشتركات معتبرة مصحّحة ، وانتهيتُ في التصحيح والنقل أيضاً بما تيسّر وأَثْبَتُّها بتمامها كما ذكر .
ثمّ سَنح بخاطري وخطر بخَلَدي أنْ أُلْحِقَ بالكتاب كتاباً كتبه ومجموعاً جمعه الشيخُ العالم العادل والفاضل الباذل البارع البديل والزاهد النبيل والنحرير المرضي والحبر الرضي المولى عليّ الرازي ، وللّه درّه سلّمه اللّه ، فقد صنّف كتاباً ذكر فيه أكثر المسائل المُحتاج إليها في علم الرجال ، وأكثرَ مايحتاج إليه في علم الدراية ، ممّا لم يفض بختامها الفحول من الرجال ، ولم يسفر عن وجوهها أعاظم أُولئك الأبدال .
ولعمري إنّه وفّقه اللّه لقد فاز في هذا الفنّ بالحظّ الأوفى ، واستقسم من بين الأزلام بالقدح المعلّى ، فأفاد في كتابه ما أفادوه ، وزاد عليه ، وأثبت فيه ما أثبتوه ، وأضاف إليه فيما يتعلّق بمعرفة ذوات الرجال و في تشخيص جملة من أجلاّء الرواة ، التي اختلفت الآراء في تميّزهم وفيما جرى الاصطلاح عند علماء الرجال في مقام المدح أو الذمّ ، وغير ذلك من المطالب والمقاصد ، يظهر حقيقة الحال وصدق المقال بالمراجعة إلى ذلك . وأشار سلّمه اللّه تعالى ـ إلى ما اشتمل عليها من المقاصد والمطالب في فهرس ، لتسهيل الأمر على الطالب . وقال :