233
توضيح المقال في علم الّرجال

حديث معتمد ، لكان مأخوذاً من الأصل غالباً ، وإنّما قيّدنا بالغالب ؛ لأنّه ربّما كان بعض الروايات وقليلها يصل معنعناً ولا يؤخذ من أصل ، وبوجود مثل هذا فيه لايصير أصلاً ، فتدبّر» . ۱
قلت : فهذه في الظاهر أقوال ثلاثة في المراد بالأصل والفرق بينه وبين الكتاب .
والذي يظهر أنّ مرجعها إلى أمر واحد خصوصاً في تفسير الأصل ، ومنشو?ظهور الاختلاف قصور العبارة ، وقد زُعم وفاؤها بانضمام بعض ما عند صاحبها من قرائن والتفاتات خَفِيَت على غيره . ومن هنا وجب على المعبّر فرض نفسه مستفيداً من العبارة نفسها مع قطع النظر عمّا عنده ممّا يفارق العبارة ولا يصاحبها .
والمتحصَّل : أنّ الأصل مجمع أخبار وآثار جُمعت لأجل الضبط والحفظ عن الضياع لنسيان ونحوه ، ليرجع الجامع وغيره في مقام الحاجة إليه ، وحيث إنّ الغرض منه ذلك لم ينقل فيه في الغالب ما كتب في أصل أو كتاب آخر لحفظه هناك ، ولم يكن فيه من كلام الجامع أو غيره إلاّ قليل ممّا يتعلّق بأصل المقصود ، وهذا بخلاف الكتاب ؛ إذ الغرض منه أُمور ، منها : تحقيق الحال في مسألة . ومنها : سهولة الأمر على الراجع إليه في مقام العمل ، فيأخذ منه ما يحتاج إليه ، ولذا ينقل فيه من كتابٍ أو أصلٍ آخر ما يتعلّق بذلك ويبوّب ويفصّل ، ويذكر فيه من كلام الجامع ما يتعلّق بردّ وإثبات وتقييد وتخصيص وتوضيح وبيان ، وغير ذلك ممّا يتعلّق بالغرض المزبور .
ونظير القسمين عندنا موجود أيضاً ، فمرّة نكتب في أوراق أو مجموعة ما نسمعه من صريح كلام فاضل أو غيره ، أو نستنبطه من فحواه أو إشاراته ، أو نلتفت إليه بأفكارنا وسيرنا في المطالب ، سواء كان ذلك مطلباً مستقلاًّ أو دليلاً على مطلب أو إيراداً و نقضاً على خيال أو نكتة ودقيقة أو سرّ أو علّة لمقصود ، إلى غير ذلك ، فنسرع إلى جمعه في مقام ليكون محفوظاً إلى وقت الحاجة . وربّما ننقل فيه من كتاب وقفنا عليه مع زعم صعوبة وصولنا إليه بعد ذلك . وأُخرى نكتب تصنيفاً لتحقيق مطالب ومقاصد

1.. فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۳۳ و ۳۴ .


توضيح المقال في علم الّرجال
232

راشد ، فقال النجاشي : «لهما كتاب نوادر» ۱ والشيخ : «كتاب» ۲ وفي الحسن بن ظريف ، النجاشي : «له نوادر» ۳ والشيخ : «له كتاب» . ۴
ثمّ إنّه رحمه الله ـ بعد حكاية الفرق المزبور مع تأييده المذكور ، ونقل عليه اعتراضين وردّهما فقال :«واعترض بأنّ الكتاب أعمّ» ـ قال : «وهذا الاعتراض سخيف ؛ إذ الغرض بيان الفرق بين الكتاب الذي هو ليس بأصل ومذكور في مقابله ، وبين الكتاب الذي هو أصل ، وبيان سبب قصر تسميتهم الأصل في الأربعمائة» .
قال : «واعترض أيضاً بأنّ كثيراً من الأُصول فيه كلام مصنّفه ، وكثيراً من الكتب ليس فيه ، ككتاب سُليم بن قيس» .
قال : «وهذا الاعتراض ـ كما تراه ـ ليس إلاّ مجرّد دعوى ، مع أنّه لايخفى بُعْدُه على المطّلع بأحوال الاُ?ول المعروفة .
نعم ، لو ادّعي ندرة وجود كلام المصنّف فيها ، فليس ببعيد ، ويمكن أن لايضرّ القائل أيضاً ، وكون كتاب سُليم بن قيس ليس من الأُصول من أين؟ إذ بملاحظة كثير من التراجم يظهر أنّ الأُصول ما كانت بجميعها مشخّصةً عند القدماء» .
ثمّ قال : «ويظهر من كلام الشيخ رحمه الله في أحمد بن محمّد بن نوح أنّ الاُصول رُتّبت ترتيباً خاصّاً .
وقيل في وجه الفرق : إنّ الكتاب ما كان مبوَّباً ومفصَّلاً ، والأصل مجمع أخبار وآثار .
ورُدَّ بأنّ كثيراً من الأُصول مبوَّبة» .
قال : «أقول : ويقرب في نظري أنّ الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنّفه الأحاديث التي رواها عن المعصوم عليه السلام أو عن الراوي ، والكتاب والمصنَّف لو كان فيهما

1.. رجال النجاشي ، ص ۳۸ ، الرقم ۷۶ .

2.. رجال الطوسي ، ص ۸۸ ، الرقم ۱۷۴ ـ ۱۷۵ .

3.. رجال النجاشي ، ص ۶۱ ، الرقم ۱۴۰ .

4.. الفهرست ، ص ۴۸ ،الرقم ۱۶۷ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67510
صفحه از 344
پرینت  ارسال به