265
توضيح المقال في علم الّرجال

وأمّا الإجازة : فقد أَذِنُوا عليهم السلام لشيعتهم ، بل أمروهم بنقل ما ورد منهم وما يصدر لأمثالهم بقوله : «الرواية لحديثنا تثبت به قلوب شيعتنا» . ۱
وفي الكافي بإسناده إلى أبي خالد قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : جعلت فداك إنّ مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلاموكانت التقيّة شديدةً ، فكتموا كتبهم فلم تُرْوَ عنهم ، فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا فقالوا ۲ : «حدّثوا بها فإنّها أحقّ» . ۳
وقد تقدّم خبر آخر في المناولة ، والأخبار في هذا الباب تبلغ إلى حدّ يعسر الإحصاء .
ومن هنا يظهر أنّ إجازة الرواية لنا ولأمثالنا حاصلة من أئمّتنا عليهم السلام ، فأيّة حاجة بَعْدُ إلى إجازة الغير وإن كانت حاصلة لنا أيضاً؟
الّلهم إلاّ على المنع من الإجازة للمعدوم ، وهو ـ مع ضعفه ـ مندفع بإجازة إمام عصرنا عجّل اللّه فرجه ، التي أجازها قبل وجودنا واستمرّ عليها إن لم يحدّوها بعد تأهّلنا لذلك ، ونعوذ باللّه من رجوعه عليه السلام عن ذلك .
وبالجملة ، نحن نأخذ بالظاهر ممّا ورد منهم عليهم السلام في حقّ أمثالنا ، واللّه يتولّى السرائر .
وأمّا الكتابة : فوقوعها منهم عليهم السلام بلغ إلى حيث جعل المكاتبة من أقسام الأخبار ، فيقولون : في مكاتبة فلان ونصّ عليها علماء الدراية والرجال والأُصول وغيرهم .
وأمّا الإعلام : فقد وقع بالنسبة إلى كثير من الكتب ، ككتاب يونس في عمل يوم وليلة ، وكتاب عبيداللّه بن عليّ بن أبي شعبة الحلبيّ ، فإنّه عُرِض على الصادق عليه السلامفصحّحه واستحسنه ، وهو أوّل كتاب صنّفه الشيعة ، إلى غير ذلك .
وأمّا الوجادة : فالظاهر وقوعها أيضاً ، كما في الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليه السلام ، حيث وجده القاضي أمير حسين ۴ عند جماعة من شيعة قم ، الواردين إلى مكّة

1.. بحارالأنوار ، ج ۲ ، ص ۱۴۵ ، ح ۸ ، نقله باختصار بعض ألفاظه .

2.. كذا ، و الظاهر : «فقال» .

3.. الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۲ ، ح ۱۵ .

4.. قد ادّعى هذا السيّد الفاضل حصول العلم العادي له بأنّ كتاب «الفقه الرضوي» هو من تأليف مولانا الرضا عليه السلام ، على ما حُكيَ عنه في : بحار الأنوار ، ج ۱ ، ص ۱۱ .


توضيح المقال في علم الّرجال
264

مضافاً إلى أمارات أُخر لنا ممّا وجدنا في نفس الكتاب المزبور ـ بعد تتبّعه من أوّله إلى آخره ـ وغيره على نفي كونه منه عليه السلام ، وليس هنا محلّ تفصيل الكلام فيه .
ولا يلزم ما ذكرناه نفي حجّيّة الواحد إذا كان بطريق النقل والرواية المعتبر فيه شرائطه ،التي منها صدق الأخذ من المرويّ عنه والرواية عنه ولو من كتابه مع اعترافه بأنّه روايته أو كتابه أو ثبوته بطريق يجري في حقّ الجميع ، فتدبّر ولا يختلط عليك الأمر .
فلو قال الواحد : قال فلان أو روي عن فلان بطريق وقوفه على ذلك ، قبلناه .
ولو قال : ظننت أو علمت عاديّاً أو غيره أنّ فلانا الذي لم يلاقه ذكر ذلك أو روى كذا ـ كلّ ذا بطريق اجتهاده ـ ما قبلناه منه .
وعندي أنّ الفرق بينهما واضح ، فتأمّل تعرف .
إذا عرفت أقسام التحمّل والرواية من غير الإمام عليه السلام ، فاعلم أنّ التحقيق جريانها في التحمّل عنه عليه السلام أيضاً ، بل أكثرها واقع .
أمّا السماع : فواضح ، بل هو الأغلب فيه ، كما هو واضح .
وأمّا القراءة : فإمكانها ۱ فيه أيضاً معلوم . وأمّا وقوعها : فالظاهر أنّه كذلك في بعض الروايات ، مثل ما ورد أنّه سأله عليه السلام عن صدق بعض الروايات ، فقال عليه السلام : «نعم ،هو كذلك في كتاب عليّ عليه السلام» فالمقابلة بينه وبين محفوظه عليه السلام[واقعة ] ۲ وإن لم يكن ذلك بقصد المقابلة .
وكذلك قراءته عليه السلام أشياء كثيرة على الرواة ، مثل ما نقله لهم من خطّ علي عليه السلاموإملاء الرسول صلى الله عليه و آله ، أو من خطّ وإملاء غيره كالصحيفة السجّادية ، فذكر راويها أنّه أملى عَلَيَّ أبو عبداللّه عليه السلام الأدعية .
وكذا ما قرأه عليه السلام عليهم بطريق الرواية عن أبيه عن آبائه عليهم السلام ، كما في أكثر روايات السكوني وأضرابه .

1.. في الأصل : «فكأنّها» ، و ما أثبتناه من «مقباس الهداية» (ج ۳ ، ص ۱۸۳) ، حيث نقل العلاّمة المامقاني بعض النصوص عن «توضيح المقال» .

2.. ما بين المعقوفين يقتضيه السياق .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67437
صفحه از 344
پرینت  ارسال به