35
توضيح المقال في علم الّرجال

إلى علم الرجال ، وهذا ممّا لا نزاع فيه ، لأنّه حدّه ، وسمعت أنّه موضوع لذلك ؛ وما يأتي في بعض شبهات الأخباريّة فمع كونها على خلاف الإنصاف ـ كما تعرف ـ ليس مفادها إلاّ نفي حصول العلم منه ، ونحن لاندّعيه ، فلا توجب الخلاف وإنّما الخلاف في حصر هذه المعرفة في الرجوع إليه .
وبه تظهر الحاجة والافتقار إليه ، وإلاّ فغيره مُغنٍ عنه ، إلاّ أن يقال : إنّه لاينافي الحاجة إليه ، فإنّه أيضاً مغنٍ عن غيره ، فكلٌّ منهما من أفراد ما يحتاج إليه كما في التخيير ، إلاّ أن يقال : غيره حاصل سابق في الوجود عليه ، وهو القطع بالصدور أو الشهاده كما تسمع،فهو نظير التخيير بين الأقلّ والأكثر ،بل وأعظم ؛ لإمكان الانفكاك من الطرفين هناك ، بخلاف المقام . فالمهمّ إثبات الحصر المزبور فنقول فيه :
إنّ المعروف المشهور بل الظاهر أنّه ممّا لاخلاف فيه يعتدّ به بين المجتهدين ، فقد تسالموا على عدّه بخصوصه ممّا يتوقّف عليه الاجتهاد في كتبهم الاُصوليّة ، وبنوا عليه في كتبهم الفقهيّة وإجماعهم قوليّاً أو عمليّاً حجّة للكشف المعتبر فيه .
وأمّا مَنْ نصّ على اختيار خلاف ذلك أو لزمه ذلك على اختلاف مشاربهم ، فهُمْ جماعة :
منهم : الحشويّة ۱ القائلون بحجّيّة كلّ حديث ؛ إذ الجميع حينئذ معتبر .
نعم ، إن كان من مذهبهم التزام الترجيح عند التعارض بالعدالة والأعدليّة ونحوهما دون التخيير أو الطرح أو الترجيح بغير ما ذكر ممّا يعرف بغير الرجال ، لزمهم القول بالافتقار حينئذٍ إن لم يبنوا على ما يأتي من غيرهم ، لكنّه مع ذلك لا يخرجهم عن مخالفة المشهور القائلين بالافتقار في غير صورة التعارض أيضاً .
ومنهم : المنكرون لحجّيّة أخبار الآحاد ، بدعوى قطعيّة الأحكام بالكتاب والإجماع

1.. الحشوية : طائفة من أصحاب الحديث تمسّكوا بالظواهر ، لُقّبوا بهذا اللقب ؛ لا حتمالهم كلّ حَشْو رُوي من الأحاديث المختلفة المتناقضة ، أو لأنّهم قالوا بحشو الكلام . كذا في «معجم الفرق الإسلامية» ، (ص ۹۷) . وقال المحقق الحلي في «المعتبر» (ج ۱۰ ، ص ۲۹) : «أفرط الحشوية في العمل بخبر الواحد حتّى انقادوا لكلّ خبر ، وما فطنوا لما تحته من التناقض» .


توضيح المقال في علم الّرجال
34

فأمّا على طريقة شيخنا في الفصول ۱ وقد وقع في نقله عنهم خلل من جهة أخرى ، فراجع وتأمّل .

[ فائدة علم الرجال]

الأمر الثالث ممّا يذكر في المقدّمة هو بيان فائدته المحتاج إليها الفقيه وإن كان مطلقها غير موجب للاحتياج إلاّ بتكلّف في الحاجة ، ولذا عبّر كثير ۲ في نحو المقام ببيان الحاجة ، لكن من المعلوم إرادة الفائدة الخاصّة من مطلقها في المقام ، مع احتمال الإطلاق لمجرّد الإشارة إلى عدم لُغوية البحث والاشتغال .
وعلى كلّ حال فوجه الحاجة إلى هذا العلم : أنّ استنباط الأحكام الواجب عيناً أو كفايةً موقوفٌ ـ في أزماننا أو مطلقاً ـ على النظر في الأحاديث ؛ لوضوح عدم كفاية غيرها وغناه عنها ، فلابدّ من معرفة المعتبر منها الذي يجوز الاستنباط منه والعمل عليه حيث تعرف أنّ جميعها ليست كذلك ، ولا ريب في حصول هذه المعرفة بالمراجعة

1. من تفسيره العرض الذاتي بما يعرض للشيء لذاته ، أي لا بواسطة في العروض ، سواء احتاج إلى واسطة في الثبوت ولو إلى مباين أعمّ أم لا ـ فلا إشكال ؛ لوضوح أنّ خوف الذمّ ونحوه من الواسطة في الثبوت لعدم عروض المدح والقدح له ، بل إنّما يَعرضان للرواة بواسطته ، فهو واسطة في الثبوت . وجميع ما يذكر في الرجال من العوارض التي تثبت للرجال وكذا الاُصول ، فإنّ ما يذكر فيه من عوارض الأدلّة وإن عرض بعضه لغيرها واختصّ به بعضه ، كالحجّيّة العارضة لذوات الأدلّة ، فإنّها الموضوع لابوصف الدليليّة ، مع المنع عن اختصاصها به ، لعروضها للبيّنة ونحوها إلاّ أن يراد بها في استنباط الأحكام الكلّيّة في الفروع . وهكذا الكلام في الفقه والطبّ وغيرهما ، وتفصيل البحث في ذلك في محلّه ، فإنّ ما اختاره رحمه الله خلاف مقالة المشهور كما اعترف به ، الفصول الغروية ، ص ۱۰ ، ۱۱ .

2.. منهم شريعتمدار الاسترآبادي في «لبّ اللباب» (ص ۵) ، وهذه الرسالة قُمنا بتحقيقها ونشرها في العدد الثاني من مجموعة «ميراث حديث شيعه» التابع لدار الحديث ، فراجع .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    سایر پدیدآورندگان :
    مولوی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67542
صفحه از 344
پرینت  ارسال به